في ظل التحديات الأمنية المتزايدة على مستوى العالم، تتجه الجزائر بشكل متزايد نحو تعزيز قوة جيشها الوطني الشعبي، وذلك عبر تطوير استراتيجيات دفاعية تركز على حماية السيادة الوطنية والمصالح الحيوية للبلاد.
وقد أعلن الخبراء العسكريون، أن الحفاظ على استقرار الجزائر في مواجهة تهديدات متنوعة يعد أولوية قصوى ضمن الاستراتيجية العسكرية الوطنية. وتتمثل أولى أهداف هذه الاستراتيجية في الاستجابة السريعة والفعالة لأي تهديد داخلي أو خارجي قد يؤثر على وحدة واستقلالية الدولة. وعلى الرغم من أن الجيش الوطني الشعبي يعتبر حصن الأمان الرئيسي للجزائر، إلا أن التهديدات التي تواجهها البلاد اليوم تتسم بالتنوع والتعقيد، بداية من الإرهاب والصراعات الإقليمية وصولاً إلى التحديات الأمنية المستجدة مثل الهجمات الإلكترونية والتهريب عبر الحدود. وفي هذا السياق، أشار الخبراء العسكريون إلى أن الجيش الوطني الشعبي قد قام بتحديث خطط الاستجابة لتلك التهديدات عبر تكامل التكنولوجيا الحديثة ضمن استراتيجية الدفاع، مع التركيز على استخدام الذكاء الاصطناعي، الطائرات المسيرة، والنظم الرقمية المتقدمة لتعزيز كفاءة العمل الأمني والاستخباري. كما أن تحديث المعدات العسكرية وتنويع أساليب التدريب قد سمح للجيش بالاستجابة بسرعة ومرونة في مختلف الظروف.
التهديدات الداخلية..
حيث تشمل التهديدات الداخلية التي تركز عليها الاستراتيجية العسكرية الجزائرية، الإرهاب في المناطق الحدودية مع دول الجوار مثل مالي وليبيا، حيث يعمل الجيش على تعزيز الرقابة عبر الحدود وتعزيز العمليات العسكرية المشتركة مع القوات الأمنية المحلية والدولية. يعتبر الجيش الوطني الشعبي أن محاربة الإرهاب والتطرف مسؤولية عابرة للحدود، ومن ثم فإن التنسيق مع الدول المجاورة يعد جزءاً مهماً من هذه الاستراتيجية.
التهديدات الخارجية..
أما على المستوى الخارجي، فيتزايد الوجود العسكري لبعض القوى العالمية في المنطقة، مما يطرح تحديات جديدة على الجزائر التي تسعى إلى حماية حدودها ومصالحها الحيوية. مع تزايد التوترات الجيوسياسية في البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا، يبذل الجيش جهودًا مضاعفة لتعزيز الدفاعات الساحلية وحماية الأصول النفطية والغازية.
التدريب والتحديث المستمر..
والتي تعتبر جزءا أساسيا من استراتيجية الجيش الوطني الشعبي يتجسد في التدريب المستمر والتحديث التكنولوجي. الجيش يبذل جهدا كبيرا في توسيع قدرات القوات المسلحة عبر برامج تدريبية متقدمة، وتحديث المعدات العسكرية وفق أعلى المعايير العالمية، سواء على صعيد المعدات الثقيلة أو الأنظمة الرقمية المتطورة.
التعاون العسكري الدولي..
ومن جانب آخر، يولي الجيش الوطني الشعبي أهمية بالغة للتعاون مع الدول الصديقة في إطار التدريبات العسكرية المشتركة والتعاون الاستخباري. هذا التعاون يعزز من قدرة الجيش على التصدي للتحديات المتنامية التي تشهدها المنطقة، مثل الإرهاب والهجمات السيبرانية. وتعتبر الجزائر أن الأمن الإقليمي هو جزء لا يتجزأ من أمنها القومي، مما يجعل التنسيق مع القوى الإقليمية والدولية محوريًا في سياستها الأمنية.
الاستثمار في الأمن السيبراني..
ومن بين الاستراتيجيات الحديثة التي يتبناها الجيش الوطني الشعبي، يأتي الاستثمار في الأمن السيبراني لمواكبة التحولات الرقمية. مع زيادة الهجمات السيبرانية على الأنظمة الحكومية والمؤسسات العسكرية في مناطق متعددة، أضحى الأمن الرقمي جزءا أساسيا من استراتيجية الدفاع الوطني. الجيش يسعى لتطوير فرق متخصصة في مجالات التكنولوجيا الرقمية، بما في ذلك الدفاع ضد الهجمات الإلكترونية التي تستهدف البنية التحتية الحيوية.
التحديات المستقبلية..
كما تسعى الجزائر من خلال هذه الاستراتيجية إلى توفير الرد المناسب على التهديدات المستقبلية، مثل تغيرات المناخ التي قد تؤدي إلى زيادة الضغط على الموارد الطبيعية والهجرة غير الشرعية. كما تسعى إلى تطوير مزيد من التعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لتعزيز أمن الحدود الإقليمية. كما تعكس الاستراتيجية العسكرية للجيش الوطني الشعبي التزام الجزائر بحماية سيادتها الوطنية في مواجهة التهديدات المتزايدة. ومن خلال تحديث المعدات العسكرية، تعزيز التعاون الإقليمي والدولي، والتركيز على التحول الرقمي، يبقى الجيش الوطني الشعبي هو الحامي الأول لأمن واستقرار الجزائر في ظل التحديات المعاصرة.
إيمان عبروس