الجفاف العاطفي بين الزوجين … الأسباب والعلاج

الجفاف العاطفي بين الزوجين … الأسباب والعلاج

المستعرض لآدابنا الإسلامية يجد كنزا ثمينا من الإرشادات والتوجيهات التي تحثّ كلا من الزوجين على الاهتمام بالطرف الآخر، وإرواء المشاعر والأحاسيس والعواطف التي تجعلهما يتفانيان في تحقيق السعادة؛ من أجل أن يصبح بيت الزوجية عُشًّا  قويًّا حصينًا راسخا، لا تؤثر فيه الرياح ولو كانت عاتية، ولا تزلزله العواصف ولو كانت مدمرة، وحتى لو أتت سحابة صيف على جنة الأحباب؛ فإن غيمها الداكن سرعان ما ينقشع ويزول. إن “جفاف المشاعر بين الزوجين” هو سر أزمة الأسر المعاصرة، ومع أن الأسرة في عصرنا الحاضر قد تحسنت أحوالها المعيشية بصورة كبيرة، لكنها قد تفتقر إلى السعادة مع وتيرة الحياة المتسارعة والمتطلبات المتراكمة؛ فجفت في زحام الأحداث المشاعر، وأصبحت هشيمًا ونسيا منسيا، وأضحت العلاقة بين أفرادها علاقة هشة أو جامدة لا روح فيها، وبالتالي فهي معرضة للتصدع والسقوط والانهيار حتى ولو من أتفه العقبات.

والمشكلة تكمن في أن الكل يعرف حقوقه وينسى واجباته، يعمل لنفسه دون نظر للشريك الآخر، وقد يهتم بكل شيء إلا قرينه؛ فالزوج غائب مع أصدقائه قد يمتد به السهر معهم إلى منتصف الليل، والزوجة غائبة مع صديقاتها بالمجالسة معهن أو التحدث بالهاتف لساعات طويلة، حتى حق الفراش قد يؤديه بعضهم بأنانية لإشباع رغبته دون نظر للطرف الآخر. فإليكم بعض النصائح حتى لا يموت الحب:

– الحب عطاء، فهو شيء لا نمنحه حتى نجده ابتدأ في نفوسنا، ولا نشعر بحلاوته إلا إذا ذاقه الآخرون منا، فإذا عم الحب بين الشريكين ترابطت الأسرة وارتقت الحياة الزوجية للأفضل، ولا يمكن أن تنمو شجيرات الحب إلا إن تخلينا عن الأنانية وحب الذات والتهافت على المنفعة الشخصية، ونكران الذات والانغماس في إسعاد الآخرين.

– كلا من الزوجين مسئول عن إشباع حاجة الآخر للحب، بل وعليه أن يبدع في استخدام الأساليب المحققة لإشباع الحاجة للحب الصريح. وكما أن المرأة بطبيعتها الرقيقة والحساسة والعاطفية تحتاج إلى مفردات الحب والغزل والدلال والتي تشعرها بخصوصيتها في قلب الزوج الحبيب؛ كذلك أيضا الرجل يكون أكثر طلبا وأشد حاجة إلى هذا النوع من الحب من المرأة نفسها.

– ينشأ الجمود العاطفي من حالة التعود على الآخر واعتياد وجوده، فطول العشرة يجعل الحياة الزوجية نمط روتيني مقولب حيث حفظ كل منهما الآخر وأصبح الرمز يحل مكان الحرف .. فالعين واليد والبسمة تحل محل الكلمة .. وهذا من نتاج طول العشرة ومعرفة كل منهما أبجديات الآخر، فيقل الكلام ويستبدل بمعاني ووسائل أخرى..
ولكن وبرغم هذا لابد من التأكيد على أنه لا بديل عن الكلمة الرقيقة في أي حال من الأحوال، فالآذن تتوق لسماع الكلمة الحلوة الطيبة وتؤكدها اللمسة الحانية وتغلفها النظرة الودودة لتكتمل الصورة ويتم التفاعل الصحيح والصحي.

– وضع العلماء بعض القواعد التي من شأنها أن تؤجج مشاعر المودة والرحمة بين الزوجين وذلك من خلال: عدم تفسير صمت الزوج بأنه عزوف عن مشاركه الزوجة والتحدث إليه، لا يجب التسرع بالحكم على الزوج إلا بعد تبادل وجهات النظر،
الابتعاد عن خوض أحاديث مع الزوج في أمور لا تتناسب مع طبيعته،
الاهتمام بالمظهر والأناقة وتوفير مناخ جذاب ومريح وهادئ في المنزل من خلال الحرص على نظافته، الاحترام المتبادل، ومعرفة احتياجات الطرف الآخر وما يسعده،
الحفاظ على الخصوصية وكتمان الأسرار، والابتعاد عن كل ما يغضب،
الحوار والحديث الصريح هما أسرع طريقة للوصول إلى تفاهم وسعادة منشودة.