في أجواء دولية تبحث عن حلول لمواكبة الثورة التكنولوجية، تواصلت الجمعة، بمدينة ميدرند بجنوب إفريقيا أشغال الدورة الخامسة للبرلمان الإفريقي، حيث قدّم الدكتور فاتح بوطبيق مداخلة هامة تناول فيها رهانات التحول الرقمي وتحديات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني بالقارة.
تواصلت، الجمعة, بميدرند، أشغال الدورة الخامسة للبرلمان الإفريقي، حيث شهدت تدخلا للدكتور فاتح بوطبيق، الذي سلط الضوء على موضوع التحول الرقمي وتحديات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني في إفريقيا، في ظل عالم مفتوح سريع التغير. وركز الدكتور بوطبيق خلال تدخله، حول التكنولوجية المتسارعة التي تشهدها القارة، لافتا إلى أن الأمن القانوني وحماية المعطيات الرقمية أصبحت ركيزة أساسية من ركائز السيادة الوطنية، وأكد أن التحول الرقمي غيّر من نماذج الإنتاج والخدمات وصنع القرار، وأثر بشكل مباشر على مفاهيم سيادة البيانات والابتكار الرقمي، ما يفرض على إفريقيا إعادة التفكير في مدى جاهزيتها التشريعية والمؤسساتية لمواكبة هذه التحولات الكبرى. وأشار بوطبيق، إلى أن القارة الإفريقية تعاني من غياب البنية التحتية الرقمية الذاتية، وما تزال تعتمد على تقنيات وحلول خارجية لا تراعي الخصوصيات الإفريقية، وهو ما يجعل بعض الدول، كما قال، رهينة لقوانين أجنبية تمس بسيادتها الرقمية. واعتبر النائب، أن ضعف التشريعات الوطنية لحماية البيانات وعدم وجود آليات فعالة للرقابة، يشكل تهديداً حقيقياً يتطلب الإسراع في سن قوانين محلية تُحصّن المعطيات الشخصية والمؤسساتية من الانتهاك. وبالمناسبة، توقف د. بوطبيق عند التحديات الأخلاقية والقانونية للذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها مشكلتا الشفافية والتحيّز الخوارزمي، مؤكدًا ضرورة إيجاد آليات قانونية للمساءلة، لضمان توجيه هذه التكنولوجيا بما يخدم المجتمعات الإفريقية. كما أشار إلى الفجوة الرقمية المتزايدة بين الدول، والتي تعرقل فرص التمكين والتمكن الرقمي، وتضعف قدرات النساء والشباب والكفاءات الإفريقية على الولوج إلى هذا المجال الحيوي. وفي هذا السياق، استعرض بوطبيق تجربة الجزائر الرائدة في هذا المجال، مبرزاً التعديلات التي أدخلت على القانون 18-07 المتعلق بحماية الأشخاص في مجال معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، لمواجهة التهديدات الرقمية ومواكبة التحول الرقمي العالمي. وأكد أن الجزائر أنشأت هيئة وطنية عليا لحماية البيانات الشخصية تابعةً لرئاسة الجمهورية، كما عدّلت قانون العقوبات للتصدي للجرائم الإلكترونية مثل القرصنة واختراق الأنظمة وتزوير البيانات، كما أشار إلى الأمر 21-09 المتعلق بأمن الأنظمة المعلوماتية، والذي يُعد من أهم النصوص التشريعية في مجال الأمن السيبراني بالجزائر، كونه يحدد المعايير الأمنية وآليات الرقابة على البنية التحتية الرقمية. وتحدث أيضاً، عن أدوار الهيئة الوطنية للأمن السيبراني التي أنشئت عام 2021 تابعةً لرئاسة الجمهورية، والتي كُلّفت بوضع استراتيجية وطنية لحماية الأنظمة الحساسة وتطوير القدرات الدفاعية في المجال الرقمي. وأضاف أن الجزائر، أنشأت كذلك، سلطة وطنية لحماية البيانات. ولم يفت المتدخل أن يشير أيضا، إلى مساهمة المديرية العامة للأمن الداخلي والوكالة الوطنية للأمن المعلوماتي، إلى جانب الفرق المختصة في الشرطة والدرك الوطني في مكافحة الجرائم الإلكترونية والتجسس الرقمي. واختتم د. بوطبيق مداخلته بدعوة الدول الإفريقية إلى الاستفادة من التجربة الجزائرية، لا سيما في مجالات تطوير الكفاءات الرقمية، والتكوين المتخصص، ومواجهة ضعف الثقافة الرقمية لدى المواطن الإفريقي. وشدد على أن التحول الرقمي لا يمكن أن يتحقق إلا بإرادة سياسية موحدة، واستثمار فعلي في الإنسان قبل التقنية، معتبراً أن القارة الإفريقية في حاجة ماسة إلى إنشاء مركز قاري متخصص لمواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، يكون بمثابة أداة سيادية لحماية مستقبل إفريقيا الرقمي.
أ.ر