الجزائر- شدد الوزير الأول عبد المالك سلال على العلاقات القوية التي تربط الجزائر بالسعودية، وأكد أن الجزائر ” تتطلع للارتقاء” بالتعاون بين البلدين إلى مستوى ” الشراكة الإستراتيجية”، وبشأن الخلاف بين الجزائر والرباط قال سلال إن الجزائر تفضل مقاربة شاملة تطرح فيها القضايا في حوار مباشر.
وأوضح سلال، في حوار خاص بـ” الشرق الأوسط”، بمناسبة زيارته المرتقبة إلى الرياض، أن الجزائر تريد رفع حجم المبادلات التجارية مع السعودية، وتحقيق التفاعل المباشر بين رجال الأعمال في البلدين عبر آليات دائمة، مع التركيز على تطوير التبادل الثقافي، وتعزيز التنسيق في ملف العمرة والحج.
وأشاد بتجربة ” مجلس التعاون الخليجي” في التكامل الإقليمي، معتبرا أنها تجربة اندماج فريدة في نجاحها وفعاليتها.
وبخصوص أزمة سعر النفط التي ألحقت ضررا بالغا بالاقتصاد، قال سلال إن “الجزائر تناضل من أجل سعر عادل ومعقول، يسمح بإعادة الاستثمار في سلسلة الطاقة وتثمين الإنتاج وتأمين تموين المستهلكين، كما أنها كانت دائمة الحرص على إرساء روح حقيقية للحوار والتشاور بين مختلف الفاعلين العالميين في هذا المجال، بالإضافة للمعطيات التجارية الموضوعية وفروق العرض والطلب”
وحول العلاقات المتوترة بين الجزائر والرباط، شدد سلال على أن ” المغرب بلد جار وشقيق، بيننا نقاط خلاف عالقة، والجزائر تفضل مقاربة شاملة تطرح فيها القضايا في حوار مباشر؛ كي يتمكن البلدان من التفرغ للمهمة الأسمى وهي بناء اتحاد المغرب العربي كما تتطلع له شعوبنا”.
ولفت إلى أن قضية الصحراءالغربية مطروحة بين يدي الأمم المتحدة، وهي الآن محل مسار سياسي تفاوضي بين المغرب والبوليساريوعلى أساس مبدأ حق تقرير المصير، و”الجزائر تدعم هذا المسار وتتمنى نهاية سريعة للمفاوضات وحلا نهائيا وعادلا لهذا النزاع” .
وتطرق سلال للتجربة الجزائرية في محاربة التطرف والإرهاب، قائلاً إن “المواجهة الميدانية والفكرية والشعبية والسياسية للإرهاب في الجزائر مثالية ومرجعية بشهادة مؤسسات الأمم المتحدة ومراكز البحوث والدراسات المختصة في هذا المجال، ناهيك عن حكومات وأجهزة كثير من الدول التي تطلب نصيحة الجزائر وخبرتها في مجال مكافحة الإرهاب” .
وبشأن توتر الأوضاع على الحدود ومدى تأثيره على الجزائر، قال سلال إن الأوضاع التي تمر بها بعض دول المنطقة لا تجعلنا أبدا نعتبر حدودنا المشتركة معها مصدر قلق أو خطر، بل العكس فنحن نعتز ونتشرف بكل جيراننا، وواثقون أن الأشقاء في ليبيا ومالي سيعبرون هذه المرحلة”
وعن آفة الإرهاب والتطرف الديني التي تقول الجزائر إنها رائدة في محاربتها، قال سلال في الحوار، إن الدليل على نجاعة خطة التصدي للإرهابيين والمتطرفين : ” كون أعداد الملتحقين الجزائريين بالمجموعات المسلحة، في مختلف بؤر التوتر، هي الأقل بين الدول”.
وفي رده على سؤال متعلق بسجن نشطاء ومدونين بسبب كتابات مسيئة للمسؤولين، نفى سلال الأمر قائلا ” لا يوجد في الجزائر سجين رأي واحد. كما أن الحبس قرار قضائي لا تملكه الحكومة. والدستور عزز الحريات الفردية والجماعية ومنع توقيع عقوبات سالبة للحرية في قضايا النشر” .
بالمقابل رفض سلال تشكيك المعارضة في في نزاهة التشريعيات القادمة، حيث قال ” الذي أعرفه أن الأحزاب قد ترفض نتائج انتخابات ماضية، أما أن تشكك في اقتراع لم يجر بعد فهذا جديد ودور الحكومة في العملية الانتخابية مقتصر على التحضير المادي للاقتراع؛ من تحضير القوائم إلى الحملة الدعائية إلى يوم الاقتراع مع توعية المواطنين بأهمية المشاركة وعدم التفريط في حقهم في تعيين ممثليهم. وأما الطبقة السياسية بمكوناتها المختلفة فستحدد موقفها بكل حرية ومسؤولية”.
وبشأن إطلاق الحكومة نموذجا اقتصاديا جديدا لمواجهة أزمة شح الموارد المالية على إثر انخفاض أسعار النفط. قال سلال إن النموذج الجديد للنمو الذي أقرته الجزائر مؤخرا تم إعداده بالتنسيق مع فريق متكامل من الكفاءات الاقتصادية والأكاديمية الجزائرية، قائلا “برغم عنف الصدمة البترولية التي قلصت مواردها بأكثر من النصف، لا تزال الجزائر تحافظ على مؤشرات اقتصادية مستقرة وتحقق نموا سنويا في حدود 4 في المائة بفضل ما يفوق 25 ألف مشروع اقتصادي جديد تم إطلاقها في السنوات الثلاث الأخيرة، وتواصل تنامي قروض الاقتصاد”