-
تحديات الموارد المائية في الجزائر
تواجه الجزائر منذ عقود تحديات متزايدة في الموارد المائية، حيث تتأثر البلاد بمناخ جاف وشبه جاف، مع تراجع معدلات تساقط الأمطار، وارتفاع استهلاك المياه بفعل النمو السكاني والتوسع العمراني والصناعي. وتشير التقارير، إلى أن الجزائر تصنف ضمن الدول التي تعاني من الشح المائي، حيث لا يتجاوز نصيب الفرد من المياه العذبة 300 متر مكعب سنويا وهو أقل بكثير من المعدل العالمي المحدد بـ1000 متر مكعب للفرد، ما يجعل تأمين المياه تحديا استراتيجيا بالغ الأهمية.
تحلية مياه البحر الحل الأمثل لمواجهة الجفاف
لتجاوز هذه الأزمة، تبنت الجزائر خيار تحلية مياه البحر كأحد الحلول الاستراتيجية لضمان استدامة الموارد المائية. وقد أصبحت اليوم من بين الدول الرائدة إفريقيًا في هذا المجال، حيث تعتمد على محطات التحلية لتوفير أكثر من 60 بالمئة من احتياجاتها من مياه الشرب، مع خطط مستقبلية لزيادة هذه النسبة.
المشاريع الكبرى لتحلية المياه في الجزائر
وبهدف تحقيق الأمن المائي، أطلقت الحكومة الجزائرية خطة واسعة لإنشاء وتوسيع محطات تحلية مياه البحر، موزعة على عدة ولايات ساحلية، ومن أبرز هذه المحطات
– محطة فوكة 2 بتيبازة والتي تعد من أكبر محطات التحلية في الجزائر بتوفير 300 ألف متر مكعب يوميا من المياه العذبة والتي تساهم في تغطية احتياجات ملايين المواطنين.
– محطة المرسى بالعاصمة والتي تتوفر على طاقة إنتاجية تقدر بـ200 ألف متر مكعب يوميا حيث توفر مياه الشرب لبلديات العاصمة وضواحيها.
– محطة وهران الجديدة والتي تعد بطاقة إنتاجية تقدر ب 250 ألف متر مكعب يوميا حيث تدعم تزويد سكان الغرب الجزائري بالمياه الصالحة للشرب. كما تشمل الاستراتيجية أيضا، إنجاز محطات إضافية في كل من ولاية عنابة، بجاية، مستغانم وتيزي وزو وذلك، لتقليل الضغط على السدود والموارد الجوفية.
التكنولوجيا الجزائرية ودور الكفاءات الوطنية
يميز مشاريع التحلية في الجزائر هو التوجه نحو تعزيز الاعتماد على التكنولوجيا المحلية ،حيث أصبحت الشركات الجزائرية تساهم بشكل أكبر في بناء وإدارة محطات التحلية. كما يتم تطوير تقنيات مبتكرة لتقليل استهلاك الطاقة وتحسين كفاءة المحطات. وتسعى الجزائر إلى دمج الطاقات المتجددة ، مثل الطاقة الشمسية، في عمليات التحلية، ما سيساهم في تقليل التكاليف والحفاظ على البيئة.
الأمن المائي أولوية وطنية..
إلى جانب تحلية المياه، تبذل السلطات جهودا إضافية لتعزيز الأمن المائي من خلال ترشيد استهلاك المياه عبر حملات توعوية وطنية وإصلاح شبكات التوزيع للحد من التسربات التي تتسبب في ضياع أكثر من 30 بالمئة من المياه المنتجة إلى جانب إعادة تدوير المياه المستعملة في قطاعات الصناعة والفلاحة.
أثر مشاريع التحلية على المواطن والتنمية
حيث ساهمت محطات التحلية في تحسين توزيع المياه، خاصة في المدن الكبرى، حيث باتت فترات الانقطاع أقل مقارنة بالسنوات الماضية. كما أن هذه المشاريع تدعم القطاعات الاقتصادية الأخرى، مثل الزراعة والصناعة، التي تعتمد بشكل كبير على استقرار الموارد المائية.
الجزائر نحو الاكتفاء الذاتي المائي..
ومع استمرار الاستثمارات في مشاريع تحلية المياه، تقترب الجزائر من تحقيق اكتفاء ذاتي مائي يضمن استقرارها الاجتماعي والاقتصادي. وتطمح الحكومة إلى تحويل الجزائر إلى نموذج إفريقي ووعربي في إدارة الموارد المائية، عبر تبني حلول مستدامة وتقنيات حديثة.
الجزائر تكتب قصة نجاح مائي بأيدي أبنائها
وبفضل الإرادة السياسية القوية، والتخطيط الاستراتيجي المدروس، والاعتماد على الكفاءات الوطنية، استطاعت الجزائر تجاوز شبح العطش، وحققت قفزة نوعية في مجال تحلية المياه. هذه المشاريع العملاقة ليست مجرد حلول مؤقتة، بل هي استثمار في مستقبل الأجيال القادمة، ورسالة واضحة بأن التحديات تواجه بالارادة والعلم والعمل.
إيمان عبروس