تصريحات روتايو التصعيدية تفجر جدلا جديدا

الجزائر ترفض الابتزاز السياسي الفرنسي وتؤكد استقلالية سيادتها

الجزائر ترفض الابتزاز السياسي الفرنسي وتؤكد استقلالية سيادتها

في الوقت الذي بدأت فيه العلاقات الجزائرية – الفرنسية تشهد بوادر تهدئة بعد فترة من التوتر، جاءت تصريحات وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، لتعيد الأجواء إلى مربع التوتر مجددا.

ففي ظهور إعلامي بعيد عن أسس الدبلوماسية، استغل روتايو استضافته على قناة CNEWS، المعروفة بتوجهها اليميني المتطرف، لإطلاق تصريحات مستفزة حملت نبرة تهديد وابتزاز سياسي، محاولًا إعادة إحياء خطاب استعماري تجاوزه الزمن ولم تعد الجزائر تقبل به.

 

ابتزاز سياسي في عباءة قضائية

ولم يكتف روتايو باستهداف الجزائر في العموم، بل ربط تصريحاته بملف الكاتب الجزائري – الفرنسي بوعلام صنصال، ملوحا بـ”تصعيد” فرنسي إذا لم يتم الإفراج عنه. كما أرفق وعيده بقضية الجزائريين المعنيين بالترحيل من فرنسا، مهددا باتخاذ إجراءات انتقامية إذا رفضت الجزائر استقبالهم. وجاء هذا التصعيد قبل 48 ساعة فقط من النطق بالحكم في قضية صنصال، حيث التمست النيابة بمحكمة الدار البيضاء بالعاصمة إدانته بـ10 سنوات سجنا نافذا وغرامة مالية. لكن الوزير الفرنسي، متجاهلا استقلالية القضاء الجزائري، حاول تحويل القضية إلى ورقة ضغط سياسي، مستخدمًا مزاعم واهية لتشويه صورة العدالة الجزائرية. وفي حديثه على CNEWS، روج روتايو لرواية مغلوطة بأن صنصال “حوكم سرا دون محام”، مدعيا أن الجزائر رفضت توكيل محامٍ يهودي فقط بسبب ديانته. إلا أن هذه المزاعم سرعان ما تفندت بالوقائع، حيث أكد صنصال بنفسه أمام القاضي أنه اختار الدفاع عن نفسه ولم يطلب محاميا. كما رد محمد بغدادي، رئيس نقابة المحامين لناحية الجزائر، على هذه الادعاءات، واصفا ما تروج له وسائل الإعلام الفرنسية المتطرفة بأنه “حملة تضليل تهدف لخدمة أجندات مشبوهة”.

 

الجزائر ترد.. وباريس في مأزق

ورد الجزائر لم يتأخر، حيث سبق للرئيس عبد المجيد تبون أن وضع النقاط على الحروف في لقائه الدوري مع الصحافة الوطنية، عندما أكد أن الجزائر تتعامل مع فرنسا عبر مؤسساتها الرسمية، وليس عبر شخصيات تبحث عن تحقيق مكاسب سياسية من الملفات الثنائية. وبهذا التصريح، قطعت الجزائر الطريق أمام محاولات روتايو للعب دور الوسيط في الأزمة، وأكدت أن العلاقات بين الدول لا تُدار عبر الإعلام المتطرف، بل عبر القنوات الدبلوماسية الرسمية.

 

روتايو.. وزير بلا وزن يحاول اللعب بالنار

كما كشفت تصرفات روتايو عن محاولة يائسة لجذب انتباه اليمين المتطرف الفرنسي، خاصة في سياق منافسته على رئاسة حزب “الجمهوريين”. لكن في المقابل، أظهرت تصريحاته أن بعض الساسة في باريس لا يزالون عاجزين عن التعامل مع الجزائر كدولة مستقلة ذات سيادة. فهل يدرك هؤلاء أن زمن الوصاية قد ولى؟ أم أن أمثال روتايو سيواصلون تكرار الأخطاء نفسها، ليصطدموا مجددا بجدار الحقيقة الذي تفرضه الجزائر بمواقفها الثابتة؟

إيمان عبروس