تظهر الجزائر اليوم، تحت قيادة الرئيس عبد المجيد تبون، مؤشرات واضحة على انطلاقة اقتصادية جديدة، قد تنهي فعلا عقودا من التبعية والجمود، لتفتح صفحة واعدة نحو اقتصاد إنتاجي، متنوع، وشفاف، منفتح على محيطه الإفريقي والمتوسطي.
هذه الديناميكية الجديدة ليست مجرد شعارات، بل تترجم من خلال قرارات وسياسات إصلاحية ملموسة، تضع نصب أعينها إرساء قواعد اقتصاد عصري، تهيمن عليه المبادرة الحرة والمنافسة الشريفة، وتدار فيه الموارد بكفاءة، ويعتمد فيه على الشباب والطاقات الوطنية بدل الاعتماد على الريع.
تحرير الاقتصاد من قيود البيروقراطية
ومن خلال الخطاب الأخير لرئيس الجمهورية خلال لقائه مع المتعاملين الاقتصاديين، بدا واضحا أن هناك إرادة سياسية قوية لكسر الحلقات البيروقراطية التي عرقلت لسنوات مسارات الاستثمار والإنتاج. لم يكتف الرئيس بالنقد، بل أرفقه بتوجيهات حازمة لإلغاء كيانات أثبتت عجزها، مثل “ALGEX”، والدفع بإنشاء مؤسسات وهيئات أكثر كفاءة وفعالية.
نحو اقتصاد متنوع يرتكز على الصناعة والتصدير
كما تركز الرؤية الاقتصادية الجديدة على رفع مساهمة الصناعة في الناتج الداخلي الخام إلى 14%، وهو ما يؤشر على انتقال الجزائر من اقتصاد استهلاكي إلى اقتصاد إنتاجي. كما أن تشجيع التصدير، وإنشاء هيئات تنظيمية للمصدرين والمستوردين، يعد خطوة نحو انفتاح مدروس وشفاف على الاقتصاد العالمي، مع الحرص على حماية المصلحة الوطنية.
التكامل الإقليمي كخيار استراتيجي
الجزائر تدرك أن قوتها لا تكمن فقط في ثرواتها، بل في موقعها الجغرافي ومحيطها الاستراتيجي. من هنا، تأتي أهمية الاندماج في السوق الإفريقية ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، ليس فقط لتوسيع الأسواق، بل لفرض حضور اقتصادي وسياسي مؤثر في محيط مضطرب ومليء بالتحديات.
اقتصاد للإنسان والمستقبل
التحول الاقتصادي في الجزائر لا يقتصر على الأرقام والمؤشرات، بل هو تحول في الذهنيات، وفي علاقة الدولة بالاقتصاد، وفي وضع الإنسان المستثمر، العامل، والمستهلك في قلب المعادلة. وإذا ما استمرت هذه الديناميكية بنفس الوتيرة والإرادة، فإن الجزائر ستكون فعليا أمام مرحلة مشرقة، ترسخ مكانتها كقوة اقتصادية صاعدة في إفريقيا وحوض المتوسط.
إيمان عبروس
