-العقيد حسن غرابي: “الجيش تمكن من طي ملف الألغام وطهّر آلاف الهكتارات”
-محمد جوادي: “على فرنسا التكفل بضحايا الألغام التي زرعتها”
ظلت الألغام التي زرعتها فرنسا خلال الحقبة التاريخية من استعمارها للجزائر، الكابوس الذي يطارد العائلات الجزائرية، خاصة بالمناطق الحدودية الشرقية والغربية من الوطن، التي حصدت المئات من أرواح الأبرياء، كما خلفت عاهات مستديمة لدى الكثير من المواطنين، وحولت حياتهم البسيطة إلى جحيم. ومع تزايد خطرها سارع الجيش الوطني الشعبي، لتطهير تلك المناطق، بتسخيره كل إمكانياته وتمكن من تطهير 73 منطقة من الألغام، وتحرير العديد من الهكتارات، ليعيد الحياة إليها من جديد، بعدما كانت مناطق محرمة الدخول رغم استرجاع السيادة.
عانت الجزائر من خطر الألغام منذ الحرب التحريرية، لذلك سارعت إلى تطهير المناطق الملغمة خاصة على الحدود الشرقية والغربية من الوطن، والتي تعرف بخط موريس وشال، حيث عمد المستعمر الفرنسي الذي استعمل كل وسائله القمعية من أجل عزل الثورة عن الخارج ومنع المجاهدين من اجتياز الحدود لجلب السلاح من الدول المجاورة، كما وقعت اتفاقية “أوتوا” التي صادقت عليها الجزائر في 2001، و تنص على حظر استعمال أو تخزين أو إنتاج أو نقل الألغام المضادة للأشخاص، وهي اتفاقية تسعى لحظر الألغام المضادة، وعمل الجيش طيلة 25 سنة على تطهير الأراضي الملغمة سواء على الشريط الحدودي الشرقي أو الغربي، وكذا في بعض المناطق الداخلية من الوطن.
عملية نزع الألغام نبيلة تتطلب الكفاءة والاختصاص
تتطلب عملية نزع الألغام السرعة والكفاءة في آن واحد، إضافة إلى العتاد والتجهيزات المتطورة، حيث كشفت الإحصائيات، أنه عند نزع كل 5 آلاف لغم يؤدي إلى وفاة منقب مع تسجيل جريحين، حيث تمكن الجيش من نزع 8 ملايين لغم، منذ بداية عملية التطهير التي استغرقت 25 سنة.
كشفت الإحصائيات التي قدمتها وزارة الدفاع الوطني، بمناسبة اليوم العالمي لحظر استعمال الألغام، الذي يحتفل به كل عام، أن عملية تطهير الأراضي من الألغام تتطلب وسائل متطورة، إضافة إلى العتاد والتجهيزات، مشيرة إلى وفاة منقب و تسجيل جريحين عند نزع كل 5 آلاف لغم، وهذه المهمة تهدف إلى التطهير الكلي للألغام واسترجاع الحياة بتلك المناطق بعدما كانت قاحلة وهجرها أهلها خوفا منها، كما أدت عملية التطهير إلى نزع 8 ملايين لغم منذ بداية العملية التي انتهت خلال 2017، وبذلك تجاوزت الجزائر خطر مخلفات الإرث الاستعماري، الذي كان مصدر تخوف لدى الكثير من المواطنين من احتمال وقوع انفجارات في أي وقت وتؤدي إلى وفاتهم.
مخططات الألغام التي سلمتها فرنسا للجزائر ساعدت في اكتشافها
عمل الجيش الوطني الشعبي، على تطهير 73 منطقة من الألغام، وتحرير العديد من الهكتارات التي كانت ملغمة، التي كان من الصعب دخولها وتحولت إلى أراضي قاحلة ومهجورة، ولقد اعتمد كثيرا على مخططات الألغام التي سلمتها وزارة الدفاع الفرنسية مؤخرا، لوزارة الدفاع الوطني، ولكن العوامل الطبيعية صعبت من المهمة حيث حركت مسار تواجدها.
تمكن الجيش طيلة السنوات السابقة، من الوصول بسرعة إلى أماكن تواجد الألغام التي زرعها المستعمر الفرنسي خلال الحقبة الاستعمارية، وذلك بالاعتماد على المخططات التي سلمتها وزارة الدفاع الفرنسي، لنظيرتها الجزائرية، ومن ثم الكشف عن العديد من أماكن تواجدها، و تطهير تلك المناطق نهائيا وإعادة الحياة إليها من جديد، ولكن المشكل الذي عرقل من مهمة، فرق الهندسة الميكانيكية بالجيش، هو تغير مسار تواجد الألغام، بسبب العوامل الطبيعية التي لعبت دورا كبيرا في الحيلولة دون الوصول إليها، وإن تم الكشف عنها ففي أماكن بعيدة، ورغم صعوبة المهمة تواصلت عملية التطهير.
العقيد حسن غرابي مسؤول عن ملف نزع الألغام:
“الجيش تمكن من طي ملف الألغام نهائيا”

أكد العقيد حسن غرابي، مسؤول عن ملف نزع الألغام، أن التعامل مع الملف أكسبنا ثقة المواطنين، بمساهمتنا في تحرير العديد من الأراضي الملغمة، وبالتالي تمكنت الجزائر نهائيا من طي هذا الملف دون رجعة.
أوضح حسن غرابي، خلال الندوة التي عقدت بفوروم “المجاهد”، تزامنا مع اليوم العالمي لحظر استعمال الألغام، أن الحرب التي اتبعتها فرنسا من خلال زرعها لملايين الألغام على الحدود الجزائرية الغربية والشرقية لمنع امتداد الثورة إلى الخارج، وكذا في عدة مناطق داخلية، جريمة في حق الأبرياء منذ سنين طويلة، ولكن بفضل مجهودات الجيش تمكنا من طي هذا الملف بتطهير الآلاف من الأراضي.
وأضاف في السياق ذاته، أنه أثناء تعاملنا مع هذه المهمة شعرنا بإحساس خاص، حيث تعاملنا مع عدة جمعيات من المجتمع المدني، ما أكسبنا ثقة المواطنين، وأصبحت مناطق اليوم بفضل جهود الجيش الوطني الشعبي، محررة وعادت إليها الحياة من جديد.
محمد جوادي رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن ضحايا الألغام لـ “الموعد اليومي”:
“يجب على فرنسا التكفل بضحايا الألغام”

أوضح محمود جوادي، رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن ضحايا الألغام، أن مساهمة الجيش الوطني الشعبي، في تطهير الأراضي الملغمة خاصة على الشريط الحدودي الشرقي والغربي كبيرة جدا، كما أنه لم يتوان في تقديم المساعدات للمواطنين في حالة اكتشاف القنابل المزروعة، داعيا السلطات الفرنسية إلى التكفل بضحايا الألغام الذين يعانون في صمت.
أوضح رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن ضحايا الألغام، في تصريح لـ “الموعد اليومي”، أن الجيش الوطني الشعبي، كان في الخطوط الأمامية لتطهير الأراضي الملغمة، التي خلفها المستعمر الفرنسي منذ الحقبة الاستعمارية، كما أنه لم يتوان في الاستجابة لنداء المواطنين، بتوجهه مباشرة إلى أماكن تواجد الألغام، وتمكن من إعادة الحياة إليها بغرس العديد من الأشجار، وتحويلها إلى مستثمرات بعدما كانت أراضي قاحلة.
كما دعا محمود جوادي، السلطات الفرنسية إلى التكفل بضحايا الألغام الذين يعانون في صمت، من خلال إقامة لهم مستشفى بالجزائر للعلاج فيه، باعتبار أغلبيتهم يرفضون التوجه للخارج من أجل العلاج، إضافة إلى تقديم لهم تعويضات مادية كونهم لا يستطعون العمل، نتيجة العاهات التي لحقت بهم جراء الانفجار.
وأضاف محمود جوادي، أن مهمة الجمعية هي الدفاع عن حقوق ضحايا الألغام، الذين يقدر عددهم بالمئات على المستوى الوطني.
سعيد باشا: “لم استوعب فقدان ابني نتيجة انفجار اللغم عليه”
يروي لنا سعيد باشا، أب أحد الأولاد، الذين لقوا حتفهم جراء انفجار لغم يعود للحقبة الاستعمارية، بولاية تبسة، بكل حرقة مرارة فقدانه لابنه وبأنه إلى حد اللحظة لم يستوعب بعد ذلك.
يقول سعيد باشا، بكل ألم إن فقدان ابنه الصغير كان نتيجة انفجار لغم خلفه الاستعمار، بينما كان يلعب، حيث بعد انتهاء فترة الدراسة توجه رفقة أصدقائه للعب، وفي لحظة انفجر اللغم ومات على الفور، دون أن يسمع صوته في اللحظات الأخيرة، و أنه مازال لم يستوعب بعد فقدان فلذة كبده، المفعم بالحيوية والنشاط، الذي غادره مبكرا، مضيفا في السياق ذاته، أنه في بعض الأحيان يحاول تناسي الفاجعة التي أثرت سلبا على حياة العائلة، خاصة الأم لكن الألم كان أقوى منه، ودعا السلطات الفرنسية إلى التكفل بضحايا الألغام، حيث تستغرق تكاليف علاجهم أموالا باهضة، ونفس الشيئ يعيشه “محمد/ع” الذي يعاني من عاهة مستديمة بفقدانه لرجله اليسرى، نتيجة انفجار لغم عندما كان صغيرا.
يسرد “محمد/ع”، قصته “للموعد اليومي”، أنه كان رفقة أصدقائه يمشي، وفي لمح البصر انفجر اللغم ولم يتفطن إلا وهو في المستشفى فاقدا لرجله، يقول “تمنيت في تلك اللحظة أنني لو مت، وانتهى كل شيء، في لمح البصر، لكن بفضل إيماني بقضاء الله وقدره تمكنت من تجاوز المحنة وتقبل الأمر”، وأضاف “محمد .ع”، “رغم كل المعاناة النفسية التي عشتها، طيلة السنوات الماضية، ، إلا أنني واصلت طريقي بإرادة كبيرة وبالتالي على الشباب خلال المرحلة الراهنة، تحدي الصعاب ومواصلة الطريق التي رسمها الأولون”.
نادية حدار