لا شك أن سنة 2020 كانت حافلة بأحداث كثيرة منها ما أثارت جدلا واسعا في الجزائر، ومنها ما خلفت رعبا وحزنا أَدْمَيَا القلوب، وفي اليوم الأخير من هذه السنة التي تركت بصمتها على الجزائريين، نستذكر أبرز الأحداث التي كان حضورها طاغياً على الأخبار ومنصات التواصل الاجتماعي خلال العام 2020.
وباء كوفيد-19… أخلط الأوراق وقلب الموازين
منذ الإعلان عن تفشي وباء كوفيد-19 نهاية شهر ديسمبر 2019 في الصين وبلوغ ذروته مطلع العام 2020، أثير جدل واسع في الجزائر وطُرحت تساؤلات عدة حول حقيقة وجود فيروس كورونا وكيفية نشأته وطريقة انتقاله، وذهب البعض إلى نظرية المؤامرة عندما ساد الاعتقاد بأن الفيروس المستجد سلاح بيولوجي اصطناعي من إنتاج صيني.
واحتدم الجدل بعد إعلان الجزائر تسجيل أول حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا يوم الثلاثاء 25 فيفري 2020 وهي لرجل إيطالي وصل إلى البلد في 17 فيفري، بحيث اخترق الخوف الجزائريين وشرعوا في التساؤل حول قدرة السلطة على مواجهة الوباء.
وما زال الوباء إلى اليوم يثير الجدل وسط الجزائريين وإن كان النقاش الدائر انتقل أكثر مؤخرا نحو اللقاح المضاد للفيروس.
غلق المساجد.. يحزن الجزائريين
في إطار تدابير منع تفشي وباء كوفيد-19 في البلد، قررت الجزائر في 17 مارس تعليق صلاة الجمعة والجماعة وإغلاق المساجد مع الإبقاء فقط على الأذان.
وقد رافق هذه الخطوة توقيف العديد من الأنشطة الاقتصادية والتجارية، لكن استمرار غلق المساجد لفترة امتدت لسبعة أشهر أثار حفيظة كثير من الجزائريين وتعالت أصوات منذ مطلع شهر جويلية من نقابات للأئمة وأحزاب إسلامية تطالب بالفتح التدريجي للمساجد وعودة صلاة الجمعة لاسيما بعد استئناف النشاط الاقتصادي والتجاري وعودة حركة النقل.
وفي الوقت الذي دعت فيه وزارة الشؤون الدينية المتذمرين من غلق المساجد إلى الاحتكام للعقل واحترام قرارات خبراء القطاع الصحي وأعضاء اللجنة الوزارية للفتوى، اعتبر آخرون مواصلة غلق المساجد قرارا سياسيا يهدف إلى وأد الحراك الشعبي وتثبيط عزيمة _الحراكيين_ باعتبار أن المساجد هي الجامع والمصدر الأول للمتظاهرين.
زلزال ميلة.. عائلات في العراء والمنطقة صارت منكوبة
كانت الساعة تشير إلى السابعة و15 دقيقة، عندما تحركت أرض ميلة وضربت بقوة، محدثة حالة من الذعر والخوف لدى سكان الولاية الذين اهتزت قلوبهم وأرواحهم مع اهتزاز الأرض لمرتين متتاليتين.
جاء زلزال ميلة قويا ومخيفا ليدخل ضمن أبرز أحداث سنة 2020، فأحدث الدمار والخراب في أرجاء المدينة ولاسيما على سكان حي الخربة السفلى، حيث كان أثر الزلزال كبيرا، ما تسبب في سقوط عدة مساكن وتشرد أكثر من 50 عائلة حسب الإحصائيات الأولية التي كشفت عنها المصالح المختصة.
الزلزال الذي ضرب “عاصمة الماء” الجزائرية، عرّى حقيقة هشاشة البنية التحتية في المدن الجزائرية، وأزاح الغطاء عن حقيقة البناء والسكن والعمران أيضًا في مدن الولاية وأحيائها الجديدة، التي قضت على مساحات شاسعة من الأراضي الفلاحية، وأغفلت معها خصوصية الأرض وباطنها من أجل منح المواطن فضاءً للسّكن، إذ اتفق مختصّون على أنّ الأرض عندما تهتزّ تُخرج ما في باطنها. تتحرّك نظرًا لطبيعة تكوينها، وتُحدِثُ انزلاقات قد تستمرّ بعد ذلك لأيام وأشهر.
وتحدث ساكنو الولاية عن الخوف الذي سكنهم لأيام منذ أن قاموا مفجوعين من أثر الهزة الأرضية الأولى وخرجوا من منازلهم هربا من وقوعها عليهم. وبعد ما توقفت الارتدادات رجعوا إلى بيوتهم ليفروا منها مجددا كلما أحسوا بارتدادات الهزة الأولى، وأشاروا إلى أن بعض المنازل سقطت تحت الأرض بمتر أو مترين.. وخلف الزلزال بحي الخربة وحده تشققات بالأعمدة والجدران لأكثر من 50 منزلا إسمنتيا وانهيار منزل بخمسة طوابق، وآخر بأربعة طوابق وكذا تشقق الطريق بمحيط عمراني بمسافة 500 متر وعمق 15 سنتيمترا، بالإضافة إلى خسائر أخرى ببلديات حمالة والقرارم قوقة، التي عرفت سقوط الحجارة بالطريق الوطني رقم 27. مما خلف حالة من الذعر وسط مستعمليه. ونفس الأمر ببلديات الزغاية، وادي النجاء، العثمانية، شلغوم العيد، التلاغمة، ترعي باينان، بوحاتم، فرجيوة وعين الملوك، ليتم الإعلان عن ولاية ميلة أنها منطقة منكوبة.
.. واهتزاز الأرض بسكيكدة يرعب سكانها
اهتزت الأرض مرة أخرى، لكنها لم تغادر الشرق الجزائري، فتحركت ولاية سكيكدة على وقع هزات أرضية متتالية، أرعبت السكان الذين لم يتحملوا اهتزاز الأرض من تحتهم، رغم أنها لم تسجل ذات الخسائر التي تم تسجيلها في ولاية ميلة، إلا أنها زادت من حالة اللاأمان واللااستقرار التي يعيشها الجزائريون الذين لم تكن سنة 2020، سنة سعيدة بالنسبة إليهم أبدا.
الفيضانات… أحياء غرقت وأرواح أزهقت
ما تزال صور المياه التي غمرت المدن وجرفت كل ما وجدته أمامها، عالقة في أذهان الجزائريين، ففي وقت قياسي تهاطلت كميات معتبرة جدا من الأمطار عبر عدد من الولايات الجزائرية، ما جعلها تغرق في المياه والأحوال متكبدة خسائر في الأرواح و المساكن والطرقات .
ففي سبتمبر من سنة 2020 شهدت الجزائر هطول أمطار طوفانية لساعات طويلة نتجت عنها سيول جارفة تسببت في غلق الطرقات الرئيسية وعرقلة حركة السير في عدة مناطق .
واجتاحت مقاطع الفيديو وصور الفيضانات مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر و هي تظهر غرق شوارع ومساكن ومؤسسات عمومية، وحتى الأنفاق والأحياء السكنية نتيجة هطول أمطار غزيرة التي خلفت خسائر مادية كبيرة، وبدأت السلطات في وقت مبكر من اليوم الموالي عمليات تنظيف وجمع مخلفات الفيضانات، وفتح الطرق وتجفيف المياه، ورفع السيارات التي جرفتها أو دمرتها السيول، وسط سخط المواطنين وتذمرهم .
انفجار البيض.. حروق بالجسد ولهيب بالقلب
في شهر أكتوبر، اهتزت الجزائر على خبر انفجار أنبوب غاز بولاية البيض، بالضبط في حي الرقاصة، مسفرا عن مقتل 5 أشخاص وجرح ما لا يقل عن 14 آخرين، في حادثة زادت حزن الجزائريين الذين اتفقت الطبيعة واليد البشرية على إيذائهم سنة 2020.
ويذكر الجميع أخت ضحية متوفاة وهي تسرد وقائع الإنفجار الذي أحرق الأجساد و ألهب القلوب الغاضبة من أيادي الفساد العابثة بأرواح المواطنين الأبرياء.
وعن هذا الإنفجار، قالت مصالح الحماية المدنية، إنه مسح مبنيين يتكونان من طابقين، تعرضا للدمار بشكل كامل، فيما تعرضت 6 منازل أخرى مجاورة لدمار جزئي.
هذا الدمار لم يكن بفعل ظاهرة طبيعية بقدر الله وقدره وخارجة عن يد البشر، حيث قال مسؤول من مصالح توزيع الكهرباء إن الانفجار لم يكن بسبب تسرّب للغاز، موضحا بأن الفاجعة وقعت بعد تسجيل أشغال قام بها مقاول من دون تصريح أو مرافقة من جانب المصالح المتخصصة، ورجّح نفس المصدر أن تكون أشغال الحفر قد مسّت قناة للتزوّد بالغاز، فحدث ما حدث من كارثة.
وأظهرت عدسات المصورين الدمار الهائل في المساكن والممتلكات، والإنهيار النفسي للسكان ويذكر الجميع الشيخ الذي يقطن في المنطقة المنكوبة، وهو يصرخ بما تبقى له من قوة وجهد من هول الصدمة.
.. وغابات احترقت عبر عدد من الولايات
عاش الجزائريون خلال 24 ساعة، جحيما حقيقيا بسبب الانتشار الغريب والمخيف للحرائق التي أتت على مساحات هامة من الثروة الغابية بمناطق متفرقة من ولايات الوطن، أين تحولت الأجواء إلى شبه صيفية بسبب الارتفاع المحسوس في درجات الحرارة فضلا عن الانتشار الواضح للدخان بعدما ارتدت السماء اللون الغامق في كثير من المدن بسبب تصاعد الدخان الكثيف، في وقت اعتبرت منطقة قوراية بأقصى غرب ولاية تيبازة منكوبة بعدما وصل لهيب النيران إلى حد تسجيل قتلى واختناقات.
هذه الحرائق بغض النظر عن أسبابها أضافت ثقلا آخرا وهمّا آخرا للجزائريين الذين أنهكتهم المصائب المتوالية، رغم أن حياتهم أصلا صعبة وبها الكثير من التحديات التي يكافح الجزائري في سبيل تخطيها.
رفات جماجم عمرها 170 سنة
بعد مفاوضات بين الجزائر وباريس، استعادت الحكومة الجزائرية رفات جماجم 24 مقاوما، كانت معروضة في متحف الطبيعة بالعاصمة الفرنسية.
وخصصت الحكومة استقبالا رسميا للرفات أشرف عليه الرئيس تبون، وحطت طائرة عسكرية تابعة للقوات الجزائرية المسلحة بمطار هواري بومدين وكانت محاطة بسرب من الطائرات المقاتلة، التي كانت تقل رفات 24 مقاوما جزائريا للاستعمار الفرنسي.
مقتل شيماء يزلزل المجتمع الجزائري
هزت قضية مقتل الشابة شيماء البالغة من العمر 19 عاما الرأي العام في الجزائر، إثر العثور على جثة الفتاة داخل محطة وقود بولاية بومرداس بعد تعرضها للاغتصاب والقتل والحرق.
وأثارت القضية مجددا مسألة تطبيق عقوبة الإعدام لاسيما بعد أن وجّهت والدة الضحية رسالة إلى الرئيس عبد المجيد تبون تطالبه فيها بتنفيذ عقوبة الإعدام والقصاص لابنتها، إضافة إلى الارتفاع المحسوس في عدد الجرائم المرتكبة في حق الأطفال القصر.
“جحا الجزائري”… يثير الإستياء
إن كانت سنة 2020 مثيرة للجدل في بدايتها، فلم تخلُ نهايتها أيضا من الأحداث الغريبة والطريفة، ومن أبرزها رحلة شاقة قرر شاب يدعى “ياسر بولعراس” قطعها عبر مسافة تقدر بـ2300 كيلومتر، من الجزائر العاصمة إلى مدينة جانت بولاية إليزي، معتليا حمارا.
ولاقت مغامرة الشاب تفاعلا كبيرا على منصات التواصل الاجتماعي ولقبه البعض بـ _جحا الجزائري_ أحد أشهر شخصيات التراث العربي؛ الذي يحتل جزءا كبيرا من الذاكرة الجمعية، لما تحمله القصة من مغامرة وغرابة وطرافة.
وانقسم الجزائريون بين منتقد للخطوة التي أقدم عليها الشاب الباحث _حسبهم- عن الشهرة على حساب _الحمار_، وداعم للمبادرة بما أنها مغامرة فريدة من نوعها وتحدّ يسهم في الاكتشاف والتعريف بمناطق الوطن باعتبار أن الشاب يحرص على توثيق تفاصيل يومياته بصور ومقاطع فيديو عبر حسابه بموقع إنستغرام.
لمياء بن دعاس