تمكنت الجامعة الجزائرية خلال السنوات الأخيرة من تحقيق نقلة نوعية في مجال البحث العلمي، حيث لم يعد محصورًا في الدراسات الأكاديمية، بل أصبح مرتبطًا بشكل مباشر بالابتكار وخلق الثروة.
هذه الديناميكية الجديدة، تجلت من خلال استحداث مؤسسات ناشئة ومشاريع اقتصادية نابعة من البحث العلمي، تساهم بشكل فعال في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز التنمية المستدامة.
البحث العلمي في خدمة الاقتصاد
وبفضل السياسات الجديدة التي انتهجتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أصبحت الجامعات الجزائرية حاضنة للأفكار المبتكرة والمشاريع الريادية. وتمت ترجمة هذه التوجهات إلى برامج فعلية تدعم إنشاء المؤسسات الناشئة داخل الحرم الجامعي، مما سمح بتحويل نتائج الأبحاث العلمية إلى منتجات وخدمات قابلة للتسويق، قادرة على خلق فرص عمل ودفع عجلة التنمية. وقد أتاح نظام “الشهادة الجامعية-المؤسسة الناشئة” للطلبة والباحثين فرصة تحويل مشاريع تخرجهم وأبحاثهم إلى شركات ناشئة، وهو ما يشكل خطوة كبيرة نحو ربط الجامعة بسوق العمل.
دعم حكومي ومرافقة للمشاريع الريادية
ولاقت هذه المبادرة دعما كبيرا من الحكومة، حيث تم وضع عدة آليات لمرافقة الباحثين وأصحاب المشاريع الناشئة، من خلال حاضنات أعمال منتشرة عبر مختلف الجامعات الجزائرية، إضافة إلى توفير الدعم التقني والمالي عبر صناديق تمويل البحث العلمي والابتكار. كما تم تعزيز الشراكة بين الجامعة والقطاع الاقتصادي، حيث باتت المؤسسات الجزائرية تعتمد بشكل متزايد على البحث العلمي المحلي لتطوير منتجاتها وتحسين تنافسيتها.
نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة جامعية
حيث شهدت الجامعات الجزائرية ميلاد عدة مؤسسات ناشئة ناجحة في مجالات متنوعة مثل التكنولوجيا، الفلاحة، الطاقة المتجددة والصناعات الدوائية. وقد ساهمت هذه الشركات في خلق فرص عمل جديدة، وتقليل التبعية للتكنولوجيا المستوردة، وتعزيز الإنتاج المحلي القائم على البحث والتطوير. ومن بين النماذج الرائدة، نجد شركات ناشئة متخصصة في تطوير برمجيات الذكاء الاصطناعي، تصنيع معدات طبية محلية، وأخرى تعمل على إنتاج حلول مبتكرة في مجال الطاقة المتجددة.
نحو اقتصاد قائم على المعرفة
كما يؤكد الخبراء أن هذا التحول في دور الجامعة الجزائرية سيساهم بشكل كبير في بناء اقتصاد قائم على المعرفة، يعتمد على البحث والابتكار بدلاً من الاقتصاد التقليدي المعتمد على الموارد الطبيعية فقط. وفي هذا السياق، تواصل الدولة دعم هذا التوجه عبر توفير بيئة ملائمة للبحث العلمي، وتحفيز التعاون بين الجامعات والقطاع الخاص، إضافة إلى تعزيز الشراكات الدولية لنقل التكنولوجيا وتبادل الخبرات. أين يشكل ربط البحث العلمي بالابتكار وخلق الثروة خطوة استراتيجية نحو تحقيق التنمية المستدامة في الجزائر. ومن خلال الاستمرار في دعم المؤسسات الناشئة وتطوير البنية التحتية للبحث، يمكن للجامعة الجزائرية أن تصبح قاطرة للتحول الاقتصادي والتكنولوجي في البلاد، مما يعزز مكانة الجزائر في اقتصاد المعرفة العالمي.
إيمان عبروس