الثورة التحريرية… مصدر قوة لكل الجزائريين

الثورة التحريرية… مصدر قوة لكل الجزائريين

 

إن الكتابة عن ذكرى ثورة الفاتح من نوفمبر 1954 التي هي لحظة انطلاق الثورة التحريرية الجزائرية، تظل ساخنة، صادقة، وقد تجلت عظمة الثورة الجزائرية في أنها دخلت الوجدان والوعي العربي والعالمي، فاستحقت جدارة التعاطف والتضامن والإسناد بمقدار ما قدمت من جهاد نادر، وعناد صلب، ودماء فضحت الوجه الأبشع للاستعمار الفرنسي ليظهر على حقيقته من التوحش والغطرسة والولوغ في دم الشعوب. وقد استقطبت الثورة وبخاصة في عقدها الأخير آمال وأحلام كل أباة الضيم، والطامحين للتحرير والكرامة. ولعل أنبل آيات الثورة الجزائرية التي نحتفل بذكراها هذه الأيام، أنها تحولت إلى رمز كفاح وقضية تحرير وطني عالمي بفضل شلالات الدماء التي قدمتها فأصبحت قدوة للشعوب المضطهدة والمغلوبة في القارات الثلاث “أسيا، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية”، والمحفز الأقوى على الثورة في وجه الغزاة والطغاة، لتحقيق النصر وتحرير الأرض والإنسان وسيادة الكلمة والقرار الوطني والقومي للشعوب المغلوبة. ولم يكن الاحتلال الفرنسي للجزائر مجرد إخضاع عسكري ونفوذ سياسي، بل كان ذا أبعاد حضارية وثقافية واسعة، أرادت فرنسا من خلالها طمس الشخصية العربية والإسلامية للجزائر، وجعلها تابعاً ذيلياً يدور في الفلك الفرنسي بلا إرادة ولا انتماء خاص.

لقد ظلت الأمور تتفاقم، لكن الشعب الجزائري ظل على وعيه بأهمية تحرير بلاده واستقلاله التام عن فرنسا… ولم يمضِ وقت طويل حتى استغلت فرنسا قيام بعض التظاهرات في الثامن من مايو 1945 في عدد من المدن الجزائرية وإحراقها للعلم الفرنسي، فقامت بارتكاب أكبر مذبحة في التاريخ سقط فيها في يوم واحد 45 ألف شهيد، فاعتبر ذلك تحولا مهما في كفاح الجزائريين من أجل الحرية والاستقلال، إذ أدركوا أن لا سبيل لتحقيق أهدافهم سوى العمل المسلح والثورة الشاملة، فانصرف الجهد إلى جمع السلاح وإعداد الخلايا السرية الثورية بتوجيه وتمويل ودعم عربي حتى يحين الوقت لتفجير الصراع المسلح. واليوم… ونحن نسترجع ذكرى هذا الإنجاز الكبير الذي مثل خطوة حاسمة على طريق تحقيق استقلال الجزائر نتوقف باحترام إحياءً لذكرى أجيال متتابعة من الجزائريين امتلكت من الإرادة والتصميم ما يكفي لتحقيق الانتصار الكبير للشعب الجزائري، الذي قدم مثالاً ونموذجاً لكفاح الشعوب من أجل حريتها.