حذر الأطباء والمختصون في أمراض فقر الدم، من الانتشار الكبير لمرض الثلاسيميا، أو ما يعرف بأنيميا البحر الأبيض المتوسط في الجزائر، كما دعوا وزارة الصحة إلى التدخل العاجل عن طريق وضع آليات وميكانيزمات تحسيسية وتوعوية، وتوفير الإمكانيات المادية للحيلولة دون انتشار هذا المرض الذي يأخذ منحى تصاعديا من سنة إلى أخرى.
وقال رئيس جمعية فقر الدم ”الحياة” بمناسبة اليوم العالمي لمرض الثلاسيميا، إن العدد الدقيق لمرضى الثلاسيميا يبقى مجهولا في ظل غياب أرقام دقيقة وإحصاءات من قبل وزارة الصحة وكذلك الجمعيات، غير أنه لم يخفِ قلقه من انتشار هذا المرض في بلدنا، حيث أظهرت الإحصائيات التي قامت بها الجمعية على مستوى 12 ولاية، وجود 2500 مصاب يتلقون العلاج بصفة متواصلة على مستوى مختلف المستشفيات والعيادات.
زواج الأقارب وأثره في مرض الثلاسيميا
الثلاسيميا من الأمراض التي يمكن أن يتسبب فيها زواج الأقارب أو الزواج داخل الأسر والعائلات الواحدة، وهذا المرض ينتقل للطفل من قبل الوالدين وتصبح أعراضه ظاهرة منذ الشهر السادس من حياة الطفل، ويظل نقل الدم هو الحل الوحيد، إضافة إلى الحيلولة دون تسرب الحديد في الأعضاء الحيوية، وهي القلب والكلى والكبد والبنكرياس، ويمكن لتراكم الحديد في الأجهزة أن يؤدي إلى الوفاة عند سن الـ20 عاما، ويعدّ السبب الرئيسي للوفيات في الجزائر، وتعاني منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط من انتشار الثلاسيميا، وهو مرض خطير غير معروف لدى عامة الناس، ويصيب من الأطفال 45 ألفا سنويا عبر العالم، ويصنف مع فقر الدم المنجلي من بين أهم الأمراض الحاملة للرقم القياسي في سجل المرض الوراثي الأكثـر انتشارا بين السكان الذين يعيشون حول حوض البحر الأبيض المتوسط. ورغم أن الثلاسيميا مرض نادر، إلا أنه حقيقة واقعة في منطقتنا، فهناك نسبة 2 بالمائة من السكان مصابون بالمرض الذي يتركز خصوصا في منطقة الشرق الجزائري، وعليه، فإن المرض بحاجة إلى تحقيق جاد مستقبلا لتحسين التحكم في العلاج وعوامل الخطر المترتبة عليه، لذا، يجب تصنيفه كمشكلة صحة عمومية، لتستفيد من اهتمام أكبر في المناطق التي تكون فيها نسبة الانتشار أكبر وأهم.
مرضى “الثلاسيميا” معاناة مع المرض وأخرى مع نقص الإمكانيات
تشتكي العائلات، التي يعاني أحد أفرادها من نقص في الأدوية المعالجة للمرض، وسوء التكفل بالمرضى ببعض المستشفيات الوطنية، وفي هذا الصدد تقول “سعاد” إنها مريضة بالثلاسيميا منذ 15 سنة، وتلقت العلاج في الأول بالإبر، والتي قالت إنها مزعجة لأنها تحقن تحت الجلد، غير أنه حاليا استبدل العلاج بأقراص تذاب في الماء، لكن فعالية هذه الحبوب لم تتضح بالنسبة لها إلى غاية اليوم، أما السيدة “حياة” فتقول إنها وزوجها تزوجا دون أن يعلما أنهما حاملان لمرض الثلاسيميا فأنجبا طفلين مريضين بالثلاسيميا وطفلة حاملة للمرض، وتقول: “أرجو أن يدرك الشباب المقبل على الزواج ضرورة إجراء الفحوص الطبية قبل الزواج لتفادي الأمراض الوراثية، على غرار الثلاسيميا، لكي لا يقعا في نفس المشكل الذي وقعت فيه أنا وزوجي”.
فحوصات ما قبل الزواج ضرورية لحماية الأطفال
قال علي حارحار، رئيس جمعية مرضى فقر الدم ”ثلاسيميا” لولاية الجزائر، إنه ينبغي على الشباب الجزائري المقبل على الزواج إجراء الفحوص اللازمة التي تؤكد خلو الزوجين من أي مرض يمكن أن ينتقل إلى الأطفال، خاصة الذين ينتمون إلى عائلة واحدة، بضرورة إجراء هذه التحاليل لتفادي الوقوع في إصابة الأطفال بالأمراض الوراثية، خاصة مرض فقر الدم الذي يشكل زواج الأقارب عاملا رئيسيا في انتشاره في بلدنا، كما أشار إلى ضرورة توعية المواطنين بضرورة التبرع بالدم لإنقاذ حياة العشرات من المرضى الذين يحتاجون إلى الدم بصفة دورية حتى يتمكنوا من مواصلة الحياة بصورة طبيعية.
ماذا يعمل حامل صفة الثلاسيميا إذا كان يود الزواج؟
أكد أطباء أن هناك خيارات أمام الراغب بالزواج من حاملي صفة الثلاسيميا لتجنب إنجابه لطفل مصاب بفقر الدم الوراثي الثلاسيميا أو فقر الدم المنجلي منها ما يلي :
-إذا كان الشخص الذي تود الاقتران به حاملا لصفة الثلاسيميا فلا يوجد أي خطر على أولادك، وتضمن أن جميع أطفالك لن يصابوا بفقر الدم الوراثي، ولو أن قسما منهم سيكونون حاملين للصفة (الثلاسيميا) في أجسامهم مثلك، لذا يجب إجراء فحص الدم قبل زواجهم وإنجابهم الأطفال.
– إذا كنت ترغب بالزواج من شخص حامل صفة الثلاسيميا، فعليك الامتناع عن إنجاب الأطفال لأنك وزوجك قد تنجبان أطفالا مصابين بمرض فقر الدم الوراثي (الثلاسيميا) وكذلك الحال بالنسبة لفقر الدم المنجلي .
ماذا يحدث إذا تزوج شخصان حاملان لصفة الثلاسيميا؟
إن الخطورة في هذا الزواج تكمن بوجود احتمالية بنسبة 25% من إنجاب أطفال مصابين بمرض الثلاسيميا، ويحتاج هؤلاء الأطفال لعملية نقل دم شهرياً وبصورة مستمرة مدى الحياة، كما يعانون من مشاكل صحية عديدة حالهم حال المصابين بفقر الدم المنجلي .
مسببات مرض الثلاسيميا
ينتج المرض عن خلل وراثي انحلالي، يؤدي إلى نقص حاد في إنتاج بروتينات خاصة في الدم تسمى الغلوبين، وهو المكون الرئيسي للهيموغلوبين الموجود في خلايا الدم الحمراء، ومادة الهيموغلوبين هي المسؤولة عن حمل الأوكسجين من الرئتين إلى مختلف أجزاء الجسم، وبالنتيجة يؤدي نقص الهيموغلوبين إلى فقر دم، وتكسر سريع في خلايا الدم الحمراء، ونقص كمية الأوكسجين التي تصل أجزاء الجسم المختلفة، وتنتقل السمة المسببة للثلاسيميا من الآباء للأبناء، عن طريق الجينات المسؤولة عن نقل الصفات، فيحدث المرض وتبدأ مضاعفاته ولا بد أن يجتمع في جسم الشخص المصاب جينان (واحد من الأب والآخر من الأم) يحملان هذه السمة، لذلك يعزز زواج الأقارب من فرص الإصابة بفقر الدم، لارتفاع احتمالية أن يكون لدى الأقارب نفس الجين الذي يحمل سمة المرض مع العلم أن مرض الثلاسيميا من الأمراض غير المعدية.
الثلاسيميا وقصة علاج على طول العمر
يعالج الطفل المصاب بالثلاسيميا العظمى بعمليات نقل دم منتظمة ودورية، ويتطلب المرض علاجا محددا مدى الحياة ويسمى (ديسفيرال) يعمل على إزالة الزيادة الكبيرة في الحديد التي تدخل إلى الجسم. وقد يضطر بعض الأطفال إلى استئصال الطحال. ويبلغ عدد حاملي سمة الثلاسيميا 150000 حالة أي ما نسبته 3% من السكان مع زيادة 40-60 حالة سنويا، وتتحمل وزارة الصحة نفقات معالجة المصابين بالثلاسيميا وهي نفقات عالية جدا تبلغ 5 آلاف دينار للمريض الواحد وتزيد مع مضاعفات المرض، ويحتاج المصاب الى ما يقدر بأكثر من 20 ألف وحدة دم سنويا.
ق. م