رحل رمضان قبل أن نشبع منه، ولكن يا ترى هل رحل وهو سعيد بنا، أم رحل وهو يبكي ويتحسر على حالنا؟ نسأل الله أن يتقبل منا رمضان، كما بلغنا رمضان، ووفقنا لصيامه وقيامه وتلاوة القرآن، آناء ليله، وأطراف نهاره. تخيلوا امرأة جلست شهرًا كاملًا تغزل ملابس من الصوف، حتى إذا ما قرب الغزل من الانتهاء، فإذا بها تنقض ما صنعته! هل تعجبنا من صنيعها؟! للأسف هذا حال بعضنا؛ فبمجرد انتهاء شهر رمضان يرجع إلى المعاصي والذنوب، كان خلال شهر رمضان في صلاة وصيام، وقيام وخشوع، وبكاء ودعاء وتضرع، وهكذا يكون قد أحسن غزل عباداته، ولكن ينقض كل هذا الغزل بعد مغرب آخر يوم في رمضان. أول عدو وأول سبب لا بد أن نكون على حذر منه هو الشيطان، عدونا الذي كان مصفدًا في رمضان، وفُكت قيوده، وخرج من الأسر ليكمل هدفه، الشيطان الذي يتقن فن التخطيط وصناعة الأهداف، والإصرار عليها، وليس مثلنا؛ فنحن نضعف وننسى هدفنا ببساطة وبسرعة، الشيطان عنده رسالة وهي أن يدخلنا النار، وعنده أهداف واضحة، يريدنا أن نقع في المعاصي والذنوب التي ستكون سببًا في دخول النار والعياذ بالله، هذه هي رسالته وهذا هو هدفه.
فما رسالتنا نحن في الحياة؟ ما أهدافنا؟ ما واجبنا تجاه ديننا؟ أم سنعود لنعيش لنأكل ونشرب ونتزوج وفقط! وعلاج ذلك هو الثبات على الطاعة لمدة أسبوع بعد رمضان لنجبر الشيطان على تغيير خطته معنا، ولنؤكد له أننا فعلًا قد تغيرنا للأفضل. فماذا نفعل حتى نحافظ على عزيمتنا ونستمر ونثبت؟ يجب أن نتفق على أن نلتزم بخمسة أشياء بعد رمضان، ولا نفرط فيها بأي حال من الأحوال، فكما نحافظ على الأكل والشرب يوميًّا لتغذية البدن، نحافظ أيضًا على هذه الخمسة لتغذية الروح:
1- الصلاة في وقتها.
2- الحفاظ على ورد يومي من القرآن.
3- ذكر الله، فنجتهد بعد رمضان في المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم، وأذكار الخروج من المنزل، مع استغلال وقت الفراغ، أو أثناء الذهاب إليه بذكر الله.
4- اختيار صحبة صالحة تعين على طاعة الله.
5- الدعاء.
فرمضان نقطة بداية وليس نقطة نهاية، رمضان كان نقطة تحول في حياتنا نستمر عليها بإذن الله، وعلينا أن ندرك أن من علامات قبول العمل في رمضان الاستمرار على ذلك العمل الصالح بعد رمضان، فالهدف من الصوم هو التقوى، فإذا تحققت فينا التقوى مع نهاية الشهر، فقد قُبل منا رمضان بفضل الله، وبيَّن لنا الحبيب أن من علامات قبول الطاعة أن تتبعها طاعة لا أن تتبعها معصية.