ما زلنا نعيش في زمن الابتلاء، وشبح الخوف من المرض يطارد الكثيرَ منّا، ونحن والحالة هذه بحاجةٍ ماسةٍ إلى ترسيخ معنىً عقديٍ مهم، لا أن نجعله نظريةً من غير تطبيق، ألا وهو تتويج حياتنا كلِّها بالتوكل على الله تعالى.. التوكل الذي هو: صدق الاعتماد على الله في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة، وتحقيقُ الإيمانِ بأنه لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه سبحانه. وذلك يكون مع فعل الأسباب المشروعة.. تحقيقاً لمبدأ الأثر الوارد: “اعقلها وتوكل” فقد بدأ بالسبب، وكما هو دأب الأنبياء عليهم السلام فمع قوة توكلهم على الله تعالى أخذوا بالأسباب فنوح عليه السلام صنع السفينة، ويعقوب عليه السلام أمر أولاده أن لا يدخلوا من باب واحد، ووضع يوسف عليه السلام خطة لإنقاذ مصر من المجاعة، واقتدى الخلفاء بهم فقد أنكر عمر رضي الله عنه على بعض أهل اليمن لما تركوا الزاد وسموا أنفسهم المتوكلين.
لقد بلغت آيات التوكل والأمر به حوالي ثنتين وخمسين آية، وذلك لعظم شأنه. منها قوله تعالى ” فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ “، ” وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا “. ” فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ “. ففي أزمنة البلاء أكثر من العبادة وتوكل على الله ” فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ “. ” قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ ” . وإياك والركونَ إلى وساوسِ الشيطان ” إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ “، وتذكر دائماً قوله سبحانه ” وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ “، أي كافيه… و “احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإذا أصابك شيءٌ فلا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا، ولكن قل: قدَّر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان ” رواه مسلم.