التوحيد حق الله على العبيد

التوحيد حق الله على العبيد

 

في الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: “كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم، على حمار، فقال لي: يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله ألَّا يعذب من لا يشرك به شيئًا، قلت: يا رسول الله، أفلا أبشِّر الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتَّكِلوا”. حديث عظيم يبين فيه النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحقَّ الأصيل، وهذا الواجب العظيم؛ واجب التوحيد. وهو إفراد الله تعالى بالعبادة مع عدم الشرك به؛ فهو حق وجوب واستحقاق له سبحانه وتعالى. فقد جاء الإسلام بنظام شامل ينظم العلاقة بين العبد وربه سبحانه وتعالى على أساس عقيدة التوحيد، وإفراد الله تعالى بالعبادة وعدم الشرك به شيئًا؛ فهو الخالق والرازق، والمدبر لأمر هذا الكون، وهو الآمر والناهي جل في علاه. ولذا كان أول نداء في القرآن الكريم من الله عز وجل لجميع الناس هو الأمر بإخلاص العبادة له سبحانه وتعالى، وتذكيرهم بخلقه لهم، وخلق آبائهم: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ” البقرة: 21، 22. فكان أول واجب على المكلف معرفته والعمل به، والدعوة إليه هو معرفة التوحيد، ومعرفة نقيض ذلك؛ وهو الشرك، والحذر منه. وإن مما يدل على عظيم منزلة التوحيد وكبير أهميته:

أولًا: أنه هو الغاية التي من أجلها خلق الله تعالى الإنس والجن؛ فالحكمة من إيجاد العباد هي عبادة رب العباد وتوحيده بها. قال الله تعالى: ” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ” الذاريات: 56 – 58. أي: ليوحدوني.

ثانيًا: أن التوحيد هو حق الله تعالى على العباد، وأعظم الحقوق، وأول وأهم الواجبات عليهم من التكاليف. “وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ” الإسراء: 23.

ثالثًا: أن التوحيد هو أول واجب على المكلف معرفته والعمل به، وهو أول الأمر وآخره. فهو أول الأولويات في العلم والعمل والدعوة إلى الله تعالى، فلا يُطالَب العبد بشيء قبله.

 

من موقع إسلام أون لاين