ففي كثرة مشاغل الحياة، وضيق الوقت، وتباعد المساكن بين الناس، انقطع الوصال بينهم إلا من رحم ربي، فلم يعُدْ يمكن اللقاء بالأقارب والأصدقاء، إلا في أوقات قليلة، ومدة يسيرة، بعكس ما كانوا عليه في السابق، ابتعدنا عن صلة الرحم إلى صلة المجهولين في مواقع التواصل، وأُسمِّيه هنا “التواصل المذموم”، فالكثير ترك أهله وقرابته، بسبب هذه المواقع؛ لبحثه من خلالها عن التعبير عن أفكاره، والحصول على الدعم في حل مشاكله، وسماع خبراتهم حولها، أو الحصول على فرص عمل وزيادة دخل، أو لمجرد التسلية والترفيه، والإدمان على هذا العمل حسب ما توصلت له الكثير من الدراسات في العالم حول استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، حتى وصل بالبعض إلى أنه لا يستطيع قضاء ساعة كاملة بدون تصفح منصات التواصل الاجتماعي؛ مما سبَّب له تشتت التفكير، والذهول عن أهم الأمور حوله، ووصوله إلى مرحلة العزلة الاجتماعية، وانقطاعه عن قرابته الذين تجب عليه صِلَتُهم، وهو ما أمر به الشرع المطهر؛ قال تعالى: ” وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ ” البقرة: 83. فقد أمَرَ الله بالإحسان إلى ذوي القربى وهم الأرحام الذين يجب وصلُهم؛ وقال تعالى ” يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ” البقرة215 ، وجاء في السنة عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، “أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أخبرني بعمل يدخلني الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تعبد الله، ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم” البخاري، وغير ذلك من الأدلة من الكتاب والسنة في وجوب صلة الرحم، والإثم على من قطعها، فلنجعل التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي وسيلة إلى “التواصل المأجور”؛ حيث ساهمت بعض التطبيقات التي تتيح مكالمة الشخص، سواء بالفيديو أو الاتصال في تقريب البعيد، أو في أقل الأحوال رسالة نصية تطمَئِنُّ بها على أقاربك وتسأل عن أحوالهم.
من موقع إسلام أون لاين