قدّم باحثون من جامعة كوليدج ومن مستشفى كينغز كوليدج ومن معهد المناعة وزراعة الأعضاء، وكلها في لندن، مراجعة علمية وُصفت بأنها أحدث ما تم التوصل إليه، حول التعامل الطبي مع حالات التهاب الكبد المزمن بفيروس “بي” B
التهاب الكبد
أوضح الباحثون في مقدمة عرضهم العلمي، أن «التهاب الكبد المزمن بفيروس (بي) ينتج عن الإصابة بنوعية من الفيروسات الموجهة نحو الكبد، التي يمكن أن تتكاثر بمستويات عالية، ما يُؤدي إلى التسبب إما بالحد الأدنى من المرض (التهاب حاد شديد أو خفيف، لمدة تقل عن ستة أشهر)، أو إصابة الكبد المزمنة (التهابات مزمنة داخل الكبد تستمر لأكثر من 6 أشهر). ولذا يتراوح الطيف الإكلينيكي لالتهاب الكبد (بي) بين عدم وجود أعراض، ووصولاً إلى التليف الكبدي التدريجي، وتليف الكبد المتقدم، وسرطان الخلايا الكبدية”.
مسارات العلاج
وبالعموم، ووفق ما تشير إليه مصادر طب أمراض الكبد، تتخذ المعالجة الطبية للتعامل مع حالات فيروس «بي»، 4 مسارات، وهي:
– المسار الأول: يتعلّق بالوقاية الاستباقية، حيث يتوفر لقاح ناجع لوقاية عموم الأشخاص، خصوصاً الأعلى عُرضة للإصابة بالفيروس، قبل حصول العدوى لديهم.
– المسار الثاني: يتعلق بالوقاية بعد التعرّض لفيروس «بي». وفي هذه الحالة عند التعرّض لعدوى الفيروس، قد يساعد حقن المصاب بالغلوبولين المناعي (أحد الأجسام المضادة) خلال 24 ساعة من التعرض للفيروس، في وقايته من الإصابة بالفيروس الكبدي الوبائي «بي». ونظراً إلى أن هذا العلاج لا يقدم إلا حماية قصيرة الأجل، فيجب أن يحصل المصاب أيضاً على لقاح التهاب الكبد «بي» في الوقت نفسه، وذلك في حال لم يكن قد تلقى اللقاح من قبل.
– المسار الثالث: يتعلق بالإصابة بالعدوى الحادة لالتهاب الكبد بفيروس «بي». أي الحالة المرضية في الفترة المباشرة للعدوى بفيروس «بي»، التي من المتوقع بالعموم أن تستمر لوقت قصير وتزول من تلقاء نفسها. وآنذاك، إما أن تكون الحالة المرضية خفيفة، بما لا يلزم العلاج، بل يمكن أن يوصي الطبيب بالراحة والتغذية السليمة والإكثار من السوائل، مع المراقبة الطبية الحثيثة لمجريات أحداث مكافحة جسم المُصاب لهذه العدوى الفيروسية. وإما أن تكون الحالة المرضية شديدة، مع ظهور أعراض التهاب كبدي شديد. وحينئذ قد يلزم أخذ عقاقير مضادة للفيروسات، أو البقاء في المستشفى لمنع حدوث مضاعفات.
– المسار الرابع: يتعلق بالتعامل العلاجي مع حالات التهاب الكبد المزمن (أكثر من 6 أشهر) بسبب فيروس «بي». وهنا تحصل العدوى المزمنة، بسبب أن الجسم حاول مقاومة الفيروس والتخلص النهائي منه، ولكن لم يُفلح في تحقيق ذلك. وتُمسي العدوى مزمنة، بمعنى أن الفيروس يبقى في خلايا الكبد ولا يتسبب في إثارة «شديدة» لجهاز مناعة الجسم. ولكنه في الوقت نفسه يستمر في إحداث ضرر بالغ ومتواصل في الكبد.
اختلافات في طرق العدوى والمسار الإكلينيكي والفحوصات
تفيد المصادر الطبية بأن فيروس التهاب الكبد «بي» ينتقل من شخص لآخر عن طريق الدم أو السائل المنوي أو سوائل الجسم الأخرى. ولا ينتشر عن طريق العطس أو السعال. ويقول أطباء «مايو كلينك»: من بين الطرق الشائعة لانتشار فيروس الكبد، ما يلي:
– الاتصال الجنسي: قد تُصاب بعدوى التهاب الكبد «بي» إذا مارست الجنس دون وقاية مع شخصٍ مصاب، قد ينتقل الفيروس إليك في حال دخول دم أو لعاب أو سائل منوي أو إفرازات مهبلية من شخص مصاب إلى جسمك.
– مشاركة الإبر: ينتشر فيروس التهاب الكبد «بي» بسهولة عن طريق الإبر والحُقن الملوثة بدم المصاب. يمكن أن تزيد مشاركة الأدوات المُستخدَمة في تعاطي المخدرات عبر الوريد من خطر تعرُّضك للإصابة بالتهاب الكبد “بي”.
– التعرض عن طريق الخطأ لوخز الإبر. يشكل التهاب الكبد «بي» مصدر قلق للعاملين في مجال الرعاية الصحية، وأي شخص آخر يلامس دم الإنسان.
– من الأم إلى جنينها: يمكن أن تنقل النساء الحوامل المصابات بفيروس التهاب الكبد «بي» العدوى إلى أطفالهن عند الولادة. ومع ذلك، يمكن تلقيح حديثي الولادة لتجنب الإصابة بالفيروس في جميع الحالات تقريباً. فإذا كنتِ حاملاً أو تخططين للحمل، فتحدثي مع طبيبكِ بشأن الخضوع لفحص للتأكد من عدم اصابتكِ بالتهاب الكبد “بي”.
وفي المسار الإكلينيكي، يوضح أطباء «مايو كلينك» هذا الجانب بالقول: «يُشفى مُعظَم البالغين المُصابين بالتِهاب الكبِد (بي) تماماً، حتى إن أُصيبوا بأعراض شديدة. ولكن الأطفال والرضّع يصيبهم التهاب الكبد طويل الأمد أكثر من غيرهم». ويوصَف هذا النوع بأنه عدوى مزمنة. ويضيفون: تستمر عدوى التهاب الكبد «بي» الحاد أقل من 6 أشهر. ومن المحتمل أن يتمكن جهازك المناعي من التخلص من التهاب الكبد «بي» الحاد من جسمك، وسوف تتعافى تماماً في غضون بضعة أشهر. ويعاني معظم الأشخاص الذين يصابون بالتهاب الكبد «بي» كبالغين، من عدوى حادة، لكنها قد تؤدي إلى عدوى مزمنة. كما قد تستمر عدوى التهاب الكبد «بي» المزمن لمدة 6 أشهر أو أكثر. وتستمر العدوى لأن جهاز المناعة لديك لا يستطيع محاربتها.
قد تستمر عدوى التهاب الكبد «بي» المزمن مدى الحياة، ما قد يؤدي إلى الإصابة بأمراض خطيرة مثل تشمع الكبد وسرطان الكبد. وربما لا تظهر أي أعراض مطلقاً لدى بعض المصابين بالتهاب الكبد «بي» المزمن. وقد يشعر البعض بإرهاق مستمر وأعراض بسيطة لالتهاب الكبد الحاد. وكلما حدثت الإصابة بالتهاب الكبد «بي» في سن صغيرة، خصوصاً لدى الأطفال حديثي الولادة أو الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات، زاد احتمال الإصابة بالالتهاب المزمن. وربما يظل الالتهاب المزمن دون اكتشاف لعدة عقود، إلى أن يُصاب الشخص بمرض خطير بسبب أمراض الكبد.
وحول الفحوصات، يقولون: «سوف يفحصك الطبيب باحثاً عن أي مؤشرات تدل على تلف الكبد، مثل اصفرار لون الجلد، أو وجود ألم في البطن. تشمل الاختبارات التي يمكن أن تساعد في تشخيص التهاب الكبد «بي» أو مضاعفاته ما يلي:
– تحاليل الدم: تكشف تحاليل الدم عن مؤشرات فيروس التهاب الكبد «بي» في جسمك، وتبيّن للطبيب ما إذا كانت مزمنة أم حادة. وبإجراء تحليل دم بسيط، يمكن أيضاً تحديد ما إذا كانت لديك مناعة ضد الإصابة بهذا الفيروس، أم لا.
– تصوير الكبد بالموجات فوق الصوتية: يمكن الكشف عن حجم الضرر الواقع على الكبد من خلال نوع خاص من التصوير بالموجات فوق الصوتية يُسمى تصوير مرونة (الخلايا) العابر.
– خزعة الكبد: يمكن أن يلجأ طبيبك إلى أخذ عينة صغيرة من كبدك لفحصها، وتحديد حجم الضرر الواقع على الكبد. ويُسمى هذا الإجراء اختزاع الكبد، ويُدخل الطبيب فيه إبرة رفيعة عبر الجلد وصولاً إلى الكبد، لأخذ عينة نسيجية وفحصها في المختبر.
ق. م