عرف الملتقى السنوي للشباب الإفريقي ضد الإرهاب، حضور شخصيات بارزة من مختلف الدول الإفريقية، من سفراء ودبلوماسيين وممثلين عن المنظمات الدولية.
يهدف هذا الملتقى إلى تعزيز تبادل الخبرات والتجارب بين الدول الإفريقية في مجال مكافحة الإرهاب، مع التركيز على تمكين الشباب للعب دور محوري في التصدي لهذه الظاهرة التي تهدد أمن واستقرار القارة.
حيث استُهل اللقاء بكلمة ترحيبية ألقاها، عصمان حسين، ممثلاً عن مدير مركز الاتحاد الإفريقي لمكافحة الإرهاب. وأعرب عن أهمية الدور الذي يلعبه الشباب الإفريقي في جهود مكافحة التطرف والإرهاب، مشيدًا بتنوع الحضور والتزامهم المشترك بالتصدي لهذه التحديات. وفي كلمة له بالمناسبة، أكد رئيس الشبكة المنظمة للملتقى، على أهمية التعاون المشترك بين الدول والمنظمات المدنية لتعزيز الجهود الرامية إلى مكافحة التطرف والإرهاب على مستوى القارة. من جهته، ألقى نور الدين بن براهم، رئيس المرصد، كلمة محورية ركزت على عدة جوانب أساسية كما أشاد بمشاركة الحضور في هذا البرنامج، الذي يعد فرصة ذهبية لتبادل الخبرات والتجارب الناجحة في مجال مكافحة الإرهاب. وأكد بن براهم، أن الجزائر تمثل مثالًا حيًا على قدرة الدول على التغلب على الإرهاب، مشيرًا إلى تجربتها الرائدة خلال فترة المأساة الوطنية. كما أعلن بن براهم أن البرنامج السنوي للشباب الإفريقي ضد الإرهاب سيشهد انطلاقة جديدة بداية من عام 2025، حيث سيتم التركيز على محاور إضافية، من أبرزها دور المرأة في مكافحة الإرهاب، وسائل التواصل الاجتماعي كأداة لمواجهة الفكر المتطرف،تعزيز التنمية المستدامة كعامل أساسي لتحقيق الأمن والاستقرار.
كما قدم بن براهم اقتراحًا بإنشاء شبكة إفريقية للمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، على غرار الشبكة الجزائرية لتنسيق الجهود في مجال مكافحة الإرهاب، لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات على مستوى القارة. وأشار المرصد إلى التحولات الحديثة التي شهدتها ظاهرة الإرهاب، حيث لم تعد تقتصر على أعمال العنف والقتل التقليدية، بل انتقلت إلى زرع الأفكار المتطرفة والراديكالية لدى الشباب واستغلالهم في تنفيذ مخططاتهم. وشدد على ضرورة مواجهة هذا التحدي من خلال استراتيجيات شاملة ومبتكرة. وفي الختام دعا بن براهم المشاركين إلى استغلال جلسات الحوار والورشات التفاعلية للخروج بتوصيات جادة وفعالة تسهم في مكافحة الإرهاب بشكل مستدام. كما حث الشباب على تقديم أفكارهم ومقترحاتهم بروح الابتكار والمسؤولية. ويأتي هذا الملتقى كجزء من الجهود الإفريقية المشتركة لمواجهة الإرهاب والتطرف، مع التركيز على إشراك الشباب بوصفهم القوة الحقيقية للتغيير. ومع توسيع محاور البرنامج مستقبلاً، يهدف هذا اللقاء إلى بناء شبكات تعاون قوية، وتعزيز وعي الشباب بمسؤولياتهم، والمساهمة في بناء قارة أكثر أمانًا واستقرارًا.
رفع مستوى الوعي بين الشباب بمسؤوليات الوقاية وإنشاء منصة مناقشة لاستراتيجيات السلام
تناولت الجلسة الأولى عنوان -رفع مستوى الوعي بين الشباب بمسؤوليات الوقاية و إنشاء منصة لمناقشة استراتيجيات السلام- من طرف الشبكة الجمعوية من أجل الحوار وحسن الجوار الجزائري الإفريقي، بالتعاون مع مركز الاتحاد الإفريقي لمكافحة الإرهاب، وبتنسيق مع المرصد الوطني للمجتمع المدني، واستهدفت الجلسة تعزيز وعي الشباب الإفريقي بمسؤولياتهم في بناء السلام والأمن، وتقديم رؤى شاملة لاستراتيجيات الوقاية من النزاعات والإرهاب. وشهدت الجلسة مداخلات نوعية من خبراء وشخصيات بارزة، في ظل التحديات الأمنية والاجتماعية التي تواجه القارة الإفريقية. حيث قدم عارف عبد الجليل، سفير الشباب للاتحاد الإفريقي للشباب، مداخلته التي أكدت على دور الشباب كعنصر رئيسي في تعزيز السلام والأمن بالقارة الإفريقية. تناول أهمية إشراك الشباب في عمليات صنع القرار، خاصة في قضايا السلام والحوكمة، مستشهداً بمبادرات ناجحة قادها شباب في دول إفريقية. وشدد على أن تمكين الشباب يعزز جهود الوقاية من النزاعات ويسهم في بناء مجتمعات مستدامة. كما قدمت فانتا ايرانديان، ممثلة عن منظمة أفريپول، عرضاً حول مبادرة التعاون الشرطي الدولي في إفريقيا. وركزت المداخلة، على الجهود المبذولة لتعزيز الأمن عبر تبادل المعلومات بين الدول الإفريقية وتطوير قدرات أجهزة الشرطة المحلية. وأبرزت كيف أن التعاون الإقليمي والدولي يسهم في التصدي للتهديدات الأمنية، مثل الجريمة المنظمة والإرهاب، مع ضرورة إشراك المجتمعات المحلية في هذه الجهود. ومن جهته، ألقى كمال شكات، عضو رابطة علماء وأئمة ودعاة دول الساحل، الضوء على أهمية الدين والتعليم في مواجهة الفكر المتطرف. وأكد أن القيم الدينية المعتدلة والتعليم النوعي هما مفتاح تحصين الشباب ضد التأثيرات السلبية للتطرف. ودعا إلى تطوير برامج تعليمية ترتكز على تعزيز التسامح وقبول الآخر، بالإضافة إلى دعم المبادرات المحلية التي يقودها علماء الدين لمكافحة التشدد. وبدوره أكد إلياس بانيو، عضو مركز الإتحاد الإفريقي لمكافحة الإرهاب، المداخلات بالحديث عن الدور الحاسم للشباب في الوقاية من الإرهاب. تناول أهمية إدماج الشباب في استراتيجيات مكافحة الإرهاب وبناء السلام، مشيراً إلى أن الشباب هم الأكثر تأثراً بالأزمات، ولكنهم في ذات الوقت يحملون الإمكانات اللازمة لتقديم حلول مبتكرة. كما دعا إلى تعزيز التعاون بين الحكومات والشباب لتنفيذ مشاريع مجتمعية تركز على بناء الثقة والحد من التطرف.
دور التكنولوجيا والتمكين المجتمعي في مكافحة الإرهاب والتطرف
أما الجلسة الثانية، فركزت على دور وتعزيز التكنولوجيا وتمكين المجتمع من مكافحة الإرهاب، حيث تناول، حسان أوسمان، ممثلًا عن المركز الإفريقي لمكافحة الإرهاب في مداخلته، دور وأهمية وسائل التكنولوجيا الحديثة في هذا المجال. وأوضح أن المركز يعتمد على تحليل ودراسة المعلومات المستقاة من مصادر متعددة، مثل التفاعلات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها. كما أكد على ضرورة تمكين الشباب باعتبارهم ركيزة أساسية في الوقاية من التطرف والإرهاب والحفاظ على السلم. وأشار المتحدث، إلى آلية الإنذار المبكر التي يعتمدها المركز، حيث يتم التعاون مع الدول الإفريقية استنادًا إلى المعلومات التي توفرها هذه الآلية للوقاية من الإرهاب والتطرف. كما ركزت فانتا ايرانديان، ممثلة عن أفريبول، على أهمية تمكين القوات الأمنية من التكنولوجيا الحديثة في مواجهة التطرف. وأشارت إلى أن العديد من الدول الإفريقية تعاني من نقص في هذا المجال، مؤكدة أن أفريبول تدعم هذه الدول بالمعلومات والتحليلات والإنذارات المبكرة. وأوضحت أن أفريبول تعتمد على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في التحليلات الاستباقية والاستشرافية بناءً على معلومات مستخلصة من مصادر متعددة، مشيرة إلى أن الإرهاب بات يستخدم وسائل تكنولوجية متطورة. فيما تمحورت مداخلة بن براهم حول أهمية دور المجتمع المدني في الحفاظ على السلم ومكافحة التطرف، مستعرضًا تجربة الجمعيات الجزائرية، مثل جمعية “أضواء رايتس”، التي ساهمت في دعم مبادرة المصالحة الوطنية. وأكد على ضرورة العمل مع الشباب، خاصة من خلال تحقيق التوازن بين المقاربة الأمنية ومقاربة حقوق الإنسان. كما شدد على أهمية الخروج من هذا اللقاء بمشاريع جدية وعملية، وليس بمجرد توصيات، لضمان تحقيق أثر فعلي. وأضاف أن هذا اللقاء يجب أن يشكل نقطة انطلاق لمبادرات فعّالة. أما المتدخل علي ساحل، رئيس الشبكة الجمعوية من أجل الحوار وحسن الجوار الجزائري الإفريقي ، فقد ركز على ضرورة الوقاية من النزاعات، مشيرًا إلى أن النزاعات المجتمعية تنشأ غالبًا بسبب غياب العدالة والمساواة، خصوصًا فيما يتعلق بالتنمية. واستشهد بنقص بعض المجتمعات الإفريقية في الحصول على المياه الصالحة للشرب كمثال على هذه الإشكاليات. كما دعا إلى تعزيز قبول الآخر بين الشعوب الإفريقية والعمل من أجل تقوية التعاون الإقليمي لضمان استقرار المجتمعات. وتؤكد مداخلات المشاركين في الجلسة، على أهمية التكنولوجيا، الشباب، والمجتمع المدني في مكافحة التطرف والإرهاب، مع ضرورة اعتماد مقاربات شاملة ومستدامة تعزز السلم والتنمية في القارة الإفريقية.
إيمان عبروس