يعتبر التفكك الأسري من أكثر المشكلات التي يعاني منها أفراد الأسر والعائلات في المجتمع الحديث، حيث نجد أن الغالب على العلاقات بين أفراد الآسرة يسودها الفتور والإهمال والتراخي، فلا الأب مهتم بتقويتها ولا الأم تسعى لذلك، وكلٌ منهم منشغل بحياته ونشاطاته الخاصة التي يفضل ألا يشاركها مع أحد، فإن عاد الأب من عمله أخذ قسطاً من الراحة وفرّ هارباً إلى الخارج يزاول بقية يومه، والأم أيضاً إن لم تكن تعمل فهي بين مشقةٍ واجتهاد، بين أعمال المنزل اللامتناهية والاهتمام بشؤون أبنائها،! ويظل الأبناء تائهين ما بين الدراسة والتواصل مع الأصدقاء والترفيه العشوائي والتغلغل بالأنترنت وبرامجه الكثيرة، وبهذا الشكل يفقد كل واحد منهم الحوار المتبادل الذي من شأنه أن يقوي العلاقات بين أفراد الأسرة؛ فينتج التفكك الأسري الذي يجعل من المجتمع مجتمعا ضعيفا مفتقرا إلى الترابط والالتحام. ولو تطرقنا إلى أسباب التفكك الأسري ومنابعه الأصلية فلا بد من أن نفهم أولاً ما هو التفكك الأسري؟ وماذا يعنيه هذا المصطلح؟ يمكن تعريف التفكك الأسري بأنه: هو البعد وعدم الارتباط بالمشاعر والأحاسيس والأفعال بين أفراد الأسرة الواحدة. وللتفكك الأسري أسباب كثيرة مرتبطة بعضها ببعض ومن أهمها:
– غياب الأب وحضوره الشكلي فقط في الأسرة. وغياب الأم وتقصيرها بأداء مهامها الأسرية.
– التنافس بين الزوج والزوجة ليحل أحدهما مكان الآخر وهو ما يسمى بـ “صراع الأدوار”.
– الاعتماد الكلي على الخادمة والاكتفاء بها في كافة أمور المنزل لتحل محل الزوجة.
– الطلاق وما يترتب عليه من مشكلات ونزاعات.
– الإدمان والتفريط باستخدام وسائل الاتصال الحديثة.
– انشغال الوالدين بأعباء الحياة وعدم تخصيص وقت كافٍ لقضائه مع الأبناء.
– عدم تقديس الحياة الزوجية ومراقبة الأبناء وتربيتهم وتنشئتهم تنشئة صالحة.
إن التفكك الأسري من أهم العوامل التي تسبب بانحراف الأبناء، فهو يتسبب في عيش الأبناء بحالة قلق واضطراب مستمر وذلك نتيجة غياب أحد الآباء، فغيابهم يجعل الأبناء يشعرون بعدم الأمان وتبدأ هنا عملية البحث عن الأمان والاستقرار من قبل الأبناء خارج دائرة الأسرة وحتى لو كانت بطرق محرمة شرعاً!. وللتفكك الأسري الأثر في نشوء بعض الأمراض النفسية لدى الأبناء، كالعدائية والإدمان والضغط النفسي والوحدة والانطوائية وتدني المستوى الدراسي وغيرها الكثير من الأمراض التي يصعب علاجها إذا اهملت من قبل الوالدين. وقد ينتج عن التفكك الأسري استغلال جنسي أو مادي للطفل، حيث يشعر الطفل بأنه منبوذ من قبل المجتمع ويتراجع عن الثقة بنفسه، لذا فهو يصبح فريسة سهلة يمكن استغلالها سواءً استغلال مادي أو جنسي. قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام في حديثه حيث قال: “أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه ” متفق عليه.
من موقع الالوكة الإسلامي