بادئ ذي بدء ينبغي أن نشير إلى نوعين من التغيرات البيئية التي أخبرت بها النصوص في القرآن والسنة، الأولى: تغيرات تقع بانفكاك عقدة النظام، والثانية: تغيرات طارئة تحدث في إطار النظام ذاته. ويشمل النوع الأول تلك التغيرات التي تقع بالنظام بقيام الساعة، وأمثلة ذلك في القرآن كثيرة، ومن ذلك قول الله تعالي”فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ”. أما التغيرات من النوع الثاني، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بوقوع بعضها، الذي لم يعد غيب كما كان على عهده صلي الله عليه وسلم بل صار حقيقة مشاهدة بالعين أو بالدليل اليقيني. عن أنس بن مالك رضي الله أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال “لا تقوم الساعة حتى يمطر الناس مطراً عاماً ولا تنبت الأرض شيئًا” رواه أحمد،إذ أنه لكثرة المعاصي تنزع البركة من الأرض، ويعاقب البشر بما كسبته أيديهم، ويأتي هذا العقاب عادة عبر ظواهر طبيعية يعرفها الإنسان ويدركها عقله، ففي ظل التلوث الذي يشهده كوكب الأرض، ينذر العلماء بخطورة هذا التلوث على نوعية الأمطار، الملوثة بحمض الكبريت. كما روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: “لن تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجا وانهارا” والمعنى الظاهر للحديث أن صحراء شبه الجزيرة العربية ستغطيها المروج أي المراعي والأنهار، في آخر الزمان قبل قيام الساعة، وقوله: “حتى تعود” يدل على أنها كانت كذلك في وقت سابق، وأنها ستعود إلى حالتها الأولى، وأن طبيعتها الصحراوية الجافة هي حالة طارئة عليها. وسادت هذه الحالة الأولى في مرحلة متقدمة من حقبة جيولوجية تعرف باسم “الحقبة البليستوسينية” والتي بدأت قبل أكثر من مليون سنة، وانتهت منذ عشرة آلاف سنة خلت، وخلال هذه الحقبة من الزمن ساد الأرض مناخ بارد وغطت الكتل والمسطحات الجليدية الضخمة الأجزاء الشمالية من أوروبا وأمريكا الشمالية بسبب التغيرات في محتوى الغلاف الجوي من ثاني أكسيد الكربون.
من موقع رابطة العالم الإسلامي