التغذية الرمضانية… أهداف صحية محققة

التغذية الرمضانية… أهداف صحية محققة

إذا أراد المرء أن يعيد العناية بصحته البدنية، فإن شهر الصوم فرصة تستحق الاهتمام لاستعادة العافية وإعادة الحيوية لصحته. ولذا تكتسب النصائح الصحية أهمية أساسية في شأن التغذية الرمضانية، وذلك ليس فقط لجعل الصوم أكثر راحة وأقل تسبباً بالإرهاق والتعب البدني، بل لتحقيق مكاسب صحية للجسم خلال فترة شهر الصوم، وخاصة في العمل على ضبط الاضطرابات في نسبة الكولسترول والدهون الثلاثية بالجسم.

 

وجبات رمضان
خلال فترة الصيام في نهار أيام رمضان، يمتنع الصائم عن تناول الطعام وعن شرب الماء من بعد طلوع الفجر إلى مغيب الشمس، وهي فترة تعوّد المرء فيها على تناول وجبتين من وجبات طعامه الرئيسية المعتادة، أي وجبة الإفطار الصباحية ووجبة الغداء. ولذا يتناول الصائم وجبة السحور قبل طلوع الفجر، أو وجبة مبكرة بديلة لوجبة الإفطار الصباحي المعتادة. ويحرص على تأخير وجبة السحور ما أمكنه ذلك كي يُعطي جسمه أطول مدة ممكنة في إشباع حاجة الجسم من الشعور بتناول الطعام وأيضاً تقليل عدد ساعات النهار التي يشعر فيها بالجوع، كما يحرص أيضاً على أن يُضمّن وجبة السحور، أو وجبة الإفطار الصباحية المبكرة، على عناصر غذائية وأطعمة تمتاز ببطء هضمها وبطء امتصاص الأمعاء لمكوناتها من العناصر الغذائية وخاصة النشويات، كي يضمن تخفيف الشعور بالجوع طوال ساعات النهار، ويضمن كذلك تواصل إمداد الجسم بالعناصر الغذائية أطول فترة ممكنة خلال ساعات الصوم بالنهار.

وإضافة إلى الاهتمام بتوفير الراحة للجسم طوال ساعات النهار، فإن تناول وجبة الإفطار بطريقة صحية مريحة للجسم يُسهم في توفير الراحة له طوال ساعات الليل، وذلك بشرب الماء، لإزالة العطش وإرواء الأوعية الدموية في الجسم وفي دخول الماء إلى خلايا الجسم المختلفة في الدماغ والعضلات وغيرهما من أعضاء الجسم، وأيضاً بتناول أغذية تحتوي على السكريات السهلة الهضم والتي يسهل على الأمعاء امتصاصها، وهو ما يتوفر في الرطب أو التمر أو ما يُشبههما من الأطعمة بمناطق العالم المختلفة. ثم بعد إعطاء الجسم والجهاز الهضمي قليلاً من الراحة، يبدأ في تناول وجبة تغذي الجسم وتُمده بالعناصر الغذائية المختلفة.

وتجدر ملاحظة أن تزويد الجسم بالماء له أشكال مختلفة، مثل شرب الماء الصافي وتناول الشوربة وشرب عصير الفواكه وتناول الفواكه الطازجة والخضار الطازجة كما في السلطات. كما يجدر الحرص على تقليل تناول كل من المشروبات المحتوية على الكافيين والأطعمة المقلية وحلويات المعجنات الدسمة، وذلك خلال المراحل الأولى لتناول وجبة الإفطار.

أطعمة تخفض الكولسترول
وثمة أربعة أنواع من الأطعمة التي تحتوي على مجموعة من تلك العناصر وتُسهم في خفض نسبة كولسترول الدم، وهي: حبوب الشوفان، وزيت الزيتون، والجوز والمكسرات، وسلطة الخضار.

حبوب الشوفان: تقول رابطة القلب الأمريكية والرابطة الأمريكية للتغذية إن حبوب الشوفان من المنتجات الغذائية التي تُقلل من نسبة كولسترول الدم. وهذه النتيجة الطبية مبنية على نتائج عشرات الدراسات التي تتبعت تأثير تناول حبوب الشوفان على نسبة كولسترول الدم. وتقول الرابطة الأمريكية للتغذية: الشوفان معروف جداً بفوائده الصحية على القلب، والتي تشمل خفض كولسترول الدم، وفيه مواد تُقلل ارتفاع ضغط الدم. وأحد أسباب ذلك هو احتواء حبوب الشوفان على كمية عالية من الألياف الذائبة. وتضيف أن الشوفان يُساعد في المحافظة على وزن الجسم ضمن المعدل الطبيعي، لأن تناوله يُشعر المرء بالشبع لفترات طويلة.

المكسرات: وتمثل المكسرات نوعاً آخرا من المنتجات الغذائية المفيدة في خفض الكولسترول، وتقول إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تناول ما يملأ الكفّ تقريباً، أي نحو 40 غراما، يومياً من غالبية المكسرات، كالجوز أو اللوز أو الفستق أو الصنوبر، يُمكنه أن يُقلل من خطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب.

وتمتاز المكسرات باحتوائها على نوعية خفيفة وصحية من الزيوت النباتية غير المشبعة، وهي غنية بالألياف النباتية الذائبة، وتوجد فيها كمية من مواد ستانول النباتية التي تعمل على إعاقة امتصاص الأمعاء للكولسترول، وتتوفر فيها عدة أنواع من المواد المضادة للأكسدة، إضافة إلى مجموعة من المعادن والأملاح والفيتامينات الطبيعية والصحية للشرايين القلبية.

 

زيت الزيتون والخضروات: زيت الزيتون أحد أفضل المنتجات الغذائية المفيدة لصحة القلب. وما يمتاز به زيت الزيتون هو احتواؤه على نوعية عالية الجودة من الدهون الأحادية غير المشبعة، إضافة إلى احتوائه على مجموعة من الفيتامينات والمعادن، ومركبات فينول ومجموعة أخرى من مضادات الأكسدة، ومركبات أخرى تعمل كمضادات للالتهابات. وتشير نتائج كثير من الدراسات الطبية، التي تذكرها رابطة القلب الأمريكية والكلية الأمريكية للقلب والمؤسسة القومية للقلب والدم والرئة والبرنامج القومي للتثقيف بالكولسترول، إلى أن تناول زيت الزيتون يُسهم في خفض نسبة الكولسترول الكلي في الدم، وإلى خفض نسبة الكولسترول الخفيف الضار، وإلى رفع نسبة الكولسترول الثقيل الحميد. كما تفيد المواد المضادة للالتهابات في زيت الزيتون، والتي تعمل بآلية شبيهة بعمل أدوية الأسبرين والبروفين، على تهدئة نشاط عمليات الالتهابات داخل الشرايين القلبية التي حصلت فيها من قبل ترسبات للكولسترول.

 

للغذاء دور فعال في خفض الكولسترول خلال رمضان

السلوك الغذائي المطلوب من الإنسان اتباعه لضبط نسبة الكولسترول في الدم، يشتمل الاهتمام بثلاثة أمور:

-تقليل إنتاج الكبد مادة الكولسترول، يكون بالحرص على تقليل تناول المواد الغذائية التي تُثير إنتاج الكبد للكولسترول. وهذا يعني تقليل تناول الدهون الحيوانية المشبعة، الموجودة في اللحوم والشحوم، وتقليل تناول الدهون المتحولة، الموجودة في الزيوت النباتية المهدرجة التي يستخدمها البعض في المقليات وحلويات “الدونات” المعجنات بأنواعها وغيره. وعليه يكون أول وأهم خطوات خفض الكولسترول، تقليل تناول الأطعمة المحتوية على الدهون المتحولة والدهون المشبعة.

-لتقليل فرصة دخول كولسترول الطعام إلى الجسم، يكون الحرص على تقليل تناول المنتجات الغذائية المحتوية بشكل مباشر على مادة الكولسترول. ومعلوم أن الكولسترول موجود فقط في المنتجات الحيوانية، ولا يُوجد في المنتجات النباتية بجميع أنواعها، وتحديداً لا يُوجد في أي نوع من الزيوت النباتية الطبيعية. ولذا يكون الحرص على تناول مشتقات الألبان القليلة الدسم وإزالة الشحوم عند طهو اللحوم وتقليل تناول السمن الحيواني.

-الأمر الثالث، الحرص على تناول المنتجات الغذائية المحتوية على مواد تعمل على خفض نسبة كولسترول الدم، وذلك إما عبر دورها في تقليل امتصاص الأمعاء للكولسترول وغيره من المواد التي تُثير الكبد لإنتاج مزيد من الكولسترول، أو عملها بشكل مباشر على خفض إنتاج الكبد للكولسترول، أو عملها على خفض ترسيب الكولسترول داخل الشرايين ومنع تراكم الكولسترول فيها. ولتحقيق ذلك يكون الحرص على تناول الدهون النباتية الطبيعية غير المشبعة، بنوعيها الأحادي، وتناول المنتجات الغذائية النباتية الغنية بالألياف الذائبة، وبمواد ستانول النباتية، وكذلك الحرص على تناول دهون أوميغا – 3 الموجودة في السمك والمأكولات البحرية الأخرى.

ق/م