التدخل العسكري في ليبيا سيعقّد الأمور

elmaouid

أقرّ المبعوث الخاص الجديد للجامعة العربية إلى ليبيا، الدبلوماسي التونسي صلاح الدين الجمالي، بأن “الدول العربية ربما لا تتبنى الموقف نفسه بشأن الحل في ليبيا”، لكنه أشار إلى أن دوره يتمثل في توحيد الرؤى والانسجام بين هذه الدول.

وأشار الجمالي إلى أنه سيلتقي الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، الإثنين، لتحديد رؤية الجامعة بشأن ليبيا، دون تحديد موعد لقائه بأطراف الصراع في ليبيا، والتي دعا إلى عدم إقصاء أي طرف منها.  وقال المبعوث العربي،  إن “ليبيا تعيش منذ 5 سنوات، حيث الدولة فيها شبه مفقودة، والفوضى عامة”، مضيفا، “أملنا أن تعود ليبيا إلى حياتها الطبيعية، وأن يعود شعبها إلى استقراره وأمنه، ويشعر بالأمل في المستقبل.

فالوضع اليوم لا يريح ليبيا ولا دول الجوار”، محذّرا من أنه “كلما طالت مدة الفوضى صعب الحلّ، وتعقدت الأمور أكثر”.وأوضح أن “الدور العربي كان ضعيفا حتى لا أقول مغيّبا أو غائبا، لكن اليوم من الضروري أن تقوم الدول العربية بواجبها نحو ليبيا، وتساندها، وتساعدها على الخروج مما تردّت فيه، لأن الدول الوحيدة التي تتأثر بما تعيشه البلاد هي الدول العربية، وبالذات الدول المجاورة”.وأضاف “رأينا أن ما حدث في ليبيا له انعكاسات مباشرة على كل من تونس والجزائر ومصر، ودول الجوار (السودان، تشاد، النيجر)، وحتى الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط، عبر الهجرة السرية”، موضحا أن “ليبيا صارت متعبة لسكانها، الذين يعيشون حالة عدم استقرار وتعب أمني واقتصادي، وحتى نفسي”.وعن الجديد الذي ستقدمه الجامعة العربية للملف الليبي، لفت إلى أن “الجامعة العربية ليست بمفردها في الساحة الليبية، سننسق مع المبعوث الأممي، مارتن كوبلر، والمبعوث الإفريقي جاكايا كيكويتي، وسنحاول أن نوحِّد كل هذه الجهود في سبيل عودة الأمن والاستقرار إلى البلاد، في أقرب الأوقات”.وأشار إلى أنه “رأينا اليوم أن الاتصالات والمهمات كثرت، لكن هذا لم يكن لها المفعول الإيجابي على الوضع في ليبيا”، مشيرا إلى أنه “لن يكون للجامعة دور منفرد عن الباقين؛ لأن ذلك مضيعة للوقت، بل لا بد من تجميع كافة الجهود وكافة المقترحات على الساحة، للخروج من المستنقع”.وأضاف “صحيح هناك حكومة وفاق وطني، واتفاق اممي، وهناك جهود دولية بعضها إيجابي، وهذا نبني عليه كمتدخلين في ليبيا ليكون دور الجامعة العربية طلائعيا”. ولفت إلى أن ليبيا “دولة عربية، ودورنا شبه مغيّب كعرب فيها، وأعتقد أن الإخوة الليبيين يشعرون أن هناك مصداقية إذا كان العرب معهم، وهم يعرفون أن مصر وتونس والجزائر تشعر أن استقرار ليبيا هو استقرار لها، وله انعكاس مباشر على وضعها الداخلي”.وبالنسبة إلى ما يلاحظه المتابعون من اختلاف تعاطي الدول العربية مع القضية الليبية والاصطفافات المتناقضة، قال المبعوث العربي إن “دور الجامعة العربية جعل الخلاص الليبي يأتي بيد الليبيين”، مستدركاً كلامه بالقول، “ليس العرب فقط هم سبب تعقيد الوضع في ليبيا، بل التدخلات المختلفة منها الأجنبية، والمواقف المزدوجة والمتناقضة لبعض الدول”، دون أن يسميها.وأقر الجمالي بأن “الدول العربية ربما لا تتبنى الموقف نفسه من الوضع في ليبيا”، لكنه أكد أن “المجهود الأول الذي ستقوم به الجامعة العربية يتمثل في إيجاد انسجام في الموقف العربي حتى يسهل الأمر”. فالهدف الأساسي، وفقاً له، هو “عودة الحياة الطبيعية إلى ليبيا، والمفروض ألا نجد أي اختلاف في الموقف العربي حول الموضوع”.وأشار إلى “أن الجامعة العربية ستسعى إلى القيام بذلك؛ بوضع الحد الأدنى من الانسجام، وتوحيد الرؤى في الجامعة بالنسبة للملف الليبي، لأنه يحتاج إلى وقفة عربية موحدة وجريئة وشجاعة للخروج من الوضع”.  وعن كيفية تنفيذ الأفكار التي تحدث عنها على أرض الواقع، قال الجمالي، “سنحدد الرؤية العربية مع الأمين العام للجامعة، الإثنين، عندما ألتقي به في القاهرة”. وأضاف “اليوم نحن في مرحلة جمع الأفكار وترتيب الأولويات وجمع كل الجهود العربية لمساعدة ليبيا”، مؤكدا أنه “سيزور ليبيا، دون تحديد وقت لذلك، للاتصال بمختلف الأطراف، بهدف تجميع كل الأطراف. لا يمكن أن نضع حلا بالإقصاء الذي لا يخدم القضية، لأن ليبيا لجميع الليبيين، وهي فوق كل اعتبار”.وعن طبيعة التدخل الميداني العربي لإنقاذ ليبيا، رأى أنه “ميدانيا نعمل على جمع مختلف الأطراف الليبية، ولا أتصوّر أن يكون هناك تدخل عسكري أو أمني، لأن ذلك يعقّد الأمور”. وأضاف أن “الطريقة الوحيدة هي الدخول سلميا لإقناع جميع الليبيين بأنه يمكن أن يصلوا إلى حد أدنى من الاتفاق، ويجتمعوا على طاولة واحدة، لأن الليبيين مهما اختلفت بهم الإيديولوجيات فإنهم كلهم ليبيون سيتعايشون، كما تعايشوا منذ آلاف السنين”.وأعلنت الجامعة العربية، الخميس الماضي، في خطوة متأخرة عاماً كاملاً، تعيين الدبلوماسي التونسي الجمالي ليشغل منصب ممثلها في ليبيا، وذلك عقب بيان صادر عن الجامعة، بعد اجتماع عُقد على مستوى المندوبين الدائمين، تفعيلاً للقرار الصادر عن الدورة العادية الـ146 لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية، الذي عُقد في 8 سبتمبر الماضي، والمتعلق بتعيين ممثل خاص للأمين العام في ليبيا. وجاء تعيين الجمالي بعد حوالى عام من الفراغ العربي، الذي أحدثته استقالة المبعوث السابق من هذا الملف، ناصر القدوة. وطرح هذا التعيين أسئلة مباشرة حول الإمكانيات الحقيقية المتاحة أمام المبعوث الجديد، في ظلّ تعقّد الملف الليبي ووصوله تقريباً إلى طريق مسدود، كما طرح تساؤلاً حول توقيت هذا التعيين.