في كتابه الجديد “سيميائية الخطاب السّردي العُماني- رواية “سيّدات القمر” للأديبة جُوخة الحَارِثي نموذجا” يقدم الباحث الجزائري محمد سيف الإسلام بوفلاقة تحليلا للبنى السردية من منظار المناهج النقدية الحديثة، التي أولت النص الأدبي اهتماما بالغاً، وزودت الناقد بأدوات إجرائية سمحت له باكتشاف عوالم النص، وطاقاته التواصلية.
وينضوي هذا البحث ضمن اهتمامه بتحليل الخطاب الروائي في سلطنة عُمان، ورصد جماليات النص الروائي العُماني من خلال رواية شائقة، ويتخذ من المنهج السيميائي نبراساً لإبراز سيميائيات الخطاب السردي العُماني، فالقراءة السيميائية تبين الأنظمة العلامية التي يُبنى عليها النص الإبداعي، وتسعى كذلك إلى إعادة صياغة دواله، ومدلولاته، عن طريق تركيز الاهتمام على مستويات الدلالة، وطرائق تولد المعاني.
وبيّن بوفلاقة أن اختياره في هذا الكتاب قد وقع على نص روائي عُماني متميز وثري وهو “سيّدات القمر” للأديبة العُمانية الدكتورة جُوخَة الحَارِثي، الذي يُفيد في تقديم قراءات كثيرة، ويسمح بالغوص في خبايا النفس الإنسانية، فهو يكشف النقاب عن جوانب مهمة من مراحل تاريخ سلطنة عُمان، فقد اهتمت الرواية -كما ذكر الناقد- بإبراز جملة من التحولات، وبينت اختلاف الرؤى، والتوجهات بين الأجيال المتعاقبة في المجتمع العُماني، ووظفت التاريخ، وبينت بعمق خصائص المجتمع العُماني، كما أبرزت تحولاته من زمن إلى آخر من خلال الأحداث المتلاحمة، والعلاقات المتشابكة التي تدور في قرية عُمانية (قرية العوافي).
تحليل بوفلاقة لهذه الرواية جاء تحليلا تطبيقيا دقيقا، متبعا منهجية علمية صارمة، إذ توقف عند جملة من العناصر التي يتوفر عليها المنهج السيميائي، ومن أبرزها: سيميائية العنوان، وسيميائية الغلاف، وسيميائية الشخصيات، والوظائف السردية للشخصيات، وبناء الرواية وتقنيات السرد.
وتجدر الإشارة إلى أن كتاب “سيميائية الخطاب السّردي العُماني- رواية “سيّدات القمر” للأديبة جُوخة الحَارِثي نموذجاً” صدر أخيرا عن مؤسسة دار الجنان للطباعة والنشر والتوزيع في عمان بالمملكة الأردنية. أما رواية “سيّدات القمر” التي يتناولها بالنقد فقد صدرت في طبعتها الأولى سنة 2010، وعلى الرغم من أنه لم يمض على صدورها أكثر من سبعة أعوام، فقد استقطبت اهتمام نسبة لا بأس بها من القراء والباحثين. أما كاتبة الرواية فهي جوخة الحارثي، وهي أديبة وأكاديمية عُمانية تميزت بغزارة إنتاجها الأدبي.