إن التحرش آفة خطيرة وداء عضال ولقد انتشر في زماننا هذا؛ حيث ظن كثير من أهل الشهوات أنهم أحرار في عقولهم وأجسادهم يتصرفون فيها بما تمليه عليهم شهواتهم فانطلقت أعينهم الجائرة والحائرة تبحث عن فرائسها كما لو كانت في الغابات فانتشرت الفواحش والتحرش بالفتيات حتى بالأطفال وذلك لعدة أسباب:
– السبب الأول: ضعف الإيمان؛ نعم إذا ابتعد الإنسان عن الله وعن القرآن وعن ذكر الله آخاه الشيطان وأصبح قرينه؛ قال الله تعالى ” وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ” الزخرف: 36؛ ولقد نفى النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان عن الزاني وقت ارتكاب هذه الجريمة، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ يَعْنِي: الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَإِيَّاكُمْ إِيَّاكُمْ” فلابد من العودة إلى الدين والتمسك بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
– السبب الثاني: غياب دور الوالدين؛ ما ضيع الأبناء إلا إهمال الوالدين تربية الأبناء تربية سليمة؛ وعدم مراعاتهما للمسؤولية التي كلفهم الشرع بها؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، والأمير راع، والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته” متفق عليه.
– السبب الثالث: السلبية أي عدم قيام الناس بالواجب عليهم من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر؛ فيجب على الناس أن يواجهوا هذا المتحرش بنهيه عما يرتكب من جريمة بشعة في حق أخواته المسلمات قال الله تعالى: ” وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ” التوبة: 71.
– السبب الرابع: التبرج والسفور؛ إن خروج النساء والبنات متبرجات سبب رئيس في إشعال نار الفتنة عند الرجال والشباب؛ ولقد نهانا الله عن التبرج فقال تعالى: ” وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ” الأحزاب: 33.
– السبب الخامس: تعقيد الزواج وتعسير مؤنة الزواج حتى عف الشباب عن الحلال وبحثوا عن الحرام؛ والواجب علينا أن نيسر كما أمرنا الإسلام قال النبي صلى الله عليه وسلم “يسروا ولا تعسروا” وروى أحمد والحاكم وبن حبان عن على بن أبى طالب أن رسول الله “لما زوجه فاطمة بعث معها بخميلة ووسادة آدم حشوها ليف ورحيين وسقاء وجرتين” أي أنه اقتصر على أبسط الضروريات التي لا غنى مطلقا عنها فلا شيء من الكماليات؛ فيسروا يسر الله لكم.
– السبب السادس: الإعلام الفاسد الذي أفسد علينا حياتنا ومجتمعاتنا ونساءنا وبناتنا وشبابنا؛ فيجب على الوالدين الحفاظ على أبنائهم وبناتهم من هذه السموم التي تدمر حياتهم وتقضي على القيم والمبادئ والأخلاق التي ما جاء الإسلام إلا ليتممها؛ لذلك توعد الله هؤلاء المفسدين بالوعيد الشديد قال تعالى: ” إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ” النور: 19.