التحذير من نشر الفتنة بين الناس

   التحذير من نشر الفتنة بين الناس

إن المسلم بعيد عن أسباب الفتنة وموجبات الفرقة، حريص كل الحرص على اجتماع كلمة المسلمين وائتلاف قلوبهم، واتحاد صفهم على طاعة الله، وامتثال أوامره جلّ وعلا ومن الدعوات المأثورة العظيمة: “اللهم أصلح ذات بيننا، وألِّف بين قلوبنا، واهدنا سُبُل السلام”، فالمؤمن صحيح الإيمان حريص على اجتماع كلمة إخوانه المؤمنين، بعيد كل البُعد عن الأمور التي توقع في الفرقة، وتسبِّب الشقاق، والاختلاف وتفرق الكلمة. إن عدم الحرص على نقل كل الأخبار، ولا سيَّما الأخبار التي تتعلق بأمن الناس وخوفهم، فبعض الناس عندما تقع الفتن يحرصون تمام الحرص على نقل الأخبار كيفما كانت، وإلقائها على عواهنها كما سمعها، دون أن يستبين من صحيحها وسقيمها، ودون أن ينظر في غاياتها وعواقبها، ولهذا لا بد في الأخبار من التأكد من صحتها أولاً، ثم بعد التأكد من صحتها لا بد من أن يتأمل قائلها وناقلها،

هل في نقلها للناس فائدة تعود على دينهم ودنياهم بالمصلحة؟ أو أن في نقلها مضرة؛ كإخافة الناس، وإلقاء الرعب في قلوبهم، والتشويش عليهم ونحو ذلك؟ ولهذا يقول الله جلّ وعلا في شأن هذه الأخبار ” وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ” النساء : 83، فإذا جاء أمر من الأمن أو الخوف، الواجب ألا نتسرع في نشره وإشهاره وإذاعته بين الناس، وإنما الواجب ردُّه إلى الرسول؛ أي: إلى سُنَّته صلى الله عليه وسلم وإلى أُولي الأمر؛ أي: العلماء الراسخين أهل العلم والبصيرة،والرزانة والدراية، فإذا كان في إشاعته ونقله مصلحة، دلونا على ذلك، وإلا كففنا عن نشره؛ لئلا نتحمَّل تبعته وإيذاء الناس بإذاعته ونشره بينهم، ولهذا ثبت عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: “لا تكونوا عُجُلًا مذاييع بُذْرًا، فإن من ورائكم بلاء مبرِّحًا”، ومعنى العُجل؛ أي: الذين يتعجَّلُون في الأمور ولا يتأنون، ومعنى المذاييع؛ أي: يذيعون الأخبار ويحرصون على إشاعتها كيفما كانت، والبُذُر؛ أي: الذين يبذرون الفتنة، وأسباب الفرقة، والشقاق بين الناس.