التحذير من إتيان الكهان والعرافين

التحذير من إتيان الكهان والعرافين

 

إنه من مظاهر تعطيل العقول وتحجيرها، إتيانُ الكُهَّان والعرَّافين من أجل معرفة ما هو مُخبَّأٌ من علم الغيب، ويكفي العقل دليلًا على كذِبِ هؤلاء في ادعائهم علمَ الغيب أنهم لو كانوا يعلمون شيئًا من الغيب، لكانوا من أغنى الناس، ومن أهنئهم عيشًا، ولدفعوا عن أنفسهم ما يكرهون. وقد قال تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: ” قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ” الأعراف: 188؛ أي: لو كنت أعلم من الغيب شيئًا ” لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ” أي: من المال، ” وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ” ؛ أي: لاجتنبتُ ما يكون من الشر قبل أن يكون .

فثبت بهذا أنه لا يعلم الغيب إلا الله وحده ولا أحد سواه؛ قال تعالى: ” إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ” لقمان: 34؛ قال ابن عباس: “هذه الخمسة لا يعلمها إلا الله تعالى، ولا يعلمها ملكٌ مقربٌ ولا نبيٌّ مرسل، فمن ادَّعى أنه يعلم شيئًا من هذه فقد كفر بالقرآن؛ لأنه خالفه” ؛ ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها :” ومن زعم أن محمدًا يعلم ما في غدٍ، فقد أَعَظَمَ على الله الفِرْيَةَ، والله يقول: ” قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ” النمل: 65.

فمن زعم أنه يعلم شيئًا من الغيب، فقد افترى على الله، ومن أتى كاهنًا أو عرَّافًا، فقد عرَّض نفسه لبطلان أعماله إلا أن يتوب إلى الله؛ فعن صفية عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من أتى عرافًا فسأله عن شيء، لم تُقبَلْ له صلاة أربعين ليلةً” رواه مسلم. وإذا كان إتيان الكهان حرامًا، فإن ما يعطى لهم في مقابل كهانتهم حرام أيضًا؛ وفي الحديث عنأبي مسعود الأنصاري: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمنِ الكلب، ومهر البغيِّ، وحُلوانِ الكاهن” رواه مسلم، وحلوان الكاهن: هو ما يأخذه المتكهن عن كهانته.