لا تزال ظاهرة التذبذب المسجّل في تأمين مادة الحليب بالأسواق العاصمية تفرض نفسها كأكبر مشكلة تواجه سكانها بفعل الطلب عليها باعتبارها مادة أساسية تماثل في أهميتها الخبز والماء، إذ يعاني الكثيرون في
سبيل تأمين كيس أو أكثر من الحليب، ويبلغ بهم الأمر أحيانا إلى محاباة التاجر ومنهم من يقصد محله قبل حتى مباشرة نشاطه في ساعات الصباح الاولى ومنهم من يرضخ إلى الطوابير التي أضحت سمة بارزة تترجم الخلل المسجل منذ فترة خاصة في البلديات ذات الكثافة السكانية، في حين يزداد الأمر سوءا في ضواحي العاصمة الغربية منها والشرقية والتي يعاني سكانها الامرين لتوفير هذه المادة التي أشير فيها بأصابع الاتهام في ندرتها إلى ارتفاع ثمن مادتها الاولية ” الغبرة ” في الاسواق العالمية في مقابل نقص الثروة الحيوانية التي من شأنها تغطية العجز .
يعيش سكان الضواحي الشرقية والغربية للعاصمة على غرار كل بلديات الرغاية، الرويبة وبرج البحري، سحاولة، السويدانية، وغيرها الى حد الان على وقع الندرة الملفتة في مادة الحليب وبالتالي الخضوع لحلول أقل ما يقال عنها أنها مهينة للمستهلكين المجبرين على الاستيقاظ باكرا والتوجه الى محلات بيع الحليب لرفع احتمالية الظفر بما يحتاجونه، في حين يضطر آخرون الى التودد الى التجار لتفادي إقصائهم من هذا الحق البسيط ، ومنهم من يبلغ درجة تسجيل اسمه قبلا حتى يلخص كل هذه المحاولات اليومية، وهذا تجنبا لتلك الحالات التي تبلغ فيها الندرة درجات قصوى في أوضاع قيل إنها خارجة عن حلقة التجار والمستهلكين وحتى أصحاب الملبنات، إذ تم تعليق المشكل على شماعة الاقتصاد العالمي الذي يعرف غلاء في غبرة الحليب وهو ما لم يفقهه المواطن العاصمي الذي يعيش حالة استنفار يومية خشية العودة إلى منزله دون أكياس الحليب المطلوبة
وبحسب المستهلكين في هذه المناطق وحتى في قلب العاصمة فإنهم يتاسفون لتجدد الأزمة بين الفينة والاخرى، إذ كثيرا ما يستعصى عليهم اقتناء كيسين من الحليب، خاصة مع الإجراءات التي اتخذها أغلب التجار، الذين يرفضون توزيع أكثر من كيسين، نتيجة للندرة الحادة في هذه المادة واسعة الاستهلاك بالنسبة للعائلات الجزائرية، ما يجبرهم يوميا على خوض معركة محاولة تأمين الكمية التي يحتاجونها.
من جانبهم اعتبر التجار أن الأزمة ليست من افتعالهم وأنهم ينالون نصيبهم من تداعياتها خاصة بالنسبة لعلاقاتهم مع المستهلكين التي توترت كثيرا بسبب هذه المشكلة المتجددة، موضحين أن الكمية التي توزع على التجار في غالب الأحيان لا تلبي الطلب، خاصة أن أي عائلة متوسطة الأفراد تحتاج إلى أربعة أكياس من الحليب يوميا، في حين أن هذه الكمية تكون أقل في بعض البلديات التي تشهد كثافة سكانية معتبرة وهو ما أجبر بعض المواطنين على استهلاك حليب الماعز أو البقر، ومنهم من استسلم لخيار اقتناء علب الحليب المسحوق رغم غلاء أسعارها وأشاروا إلى أن العرض لا يتوافق مع الطلب المتزايد.