عادت، مؤخرا، الحركية لشوارع عنابة وشواطئها بعد يومين من افتتاح موسم الاصطياف. فالزائر لهذه المدينة التي لا تنام ليلا خاصة في فصل الصيف، يلاحظ أن كل ترقيمات السيارات القادمة من أغلب ولايات الوطن خاصة العاصمة، باتنة، سوق أهراس، سيدي بلعباس وحتى وهران وغيرها، جاء أصحابها ليحتفلوا مع سكان بونة على طول “البولفار” والواجهات البحرية التي تزينت على غير عادتها بكل الألوان الزاهية وترصعت بالرايات الوطنية، إلى جانب الفوانيس والأضواء، بالإضافة إلى تنظيف الشوارع والساحات وتحضير “الكور” العنابي مقصد العائلات لأنه يوفر لهم “الكريبوني” والمثلجات.
فرغم بعض الإجراءات الوقائية الخاصة بالحماية من انتشار وباء “كورونا” المستجد مع احترام مسافة التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات، إلا أن ذلك لم يثبط من عزيمة سكان ولاية عنابة وكل المصطافين الذين التزموا بالإجراءات الاحترازية مع احترام مواقيت رفع الحجر الجزئي الذي يمتد حتى الحادية عشرة ليلا.
كراء المنازل يعود للواجهة
تستغل بعض العائلات العنابية موسم الاصطياف للاسترزاق وتحصيل بعض المال، لتغطية الحاجيات الضرورية من أكل ومشرب ولباس أو تجهيز أبنائها تحسبا للدخول المدرسي المقبل، وعليه هناك الكثير منها من تركوا منازلهم للكراء وفتحوها أمام المصطافين، خاصة تلك القريبة من المناطق الساحلية والتي تتوفر على كل شروط الإيواء من مرشات، كهرباء وغيرها من وسائل الراحة، مقابل مبلغ مالي يضعه صاحب المنزل خاصة أمام غلق كل بيوت الشباب والفنادق بسبب الوضع الصحي الراهن، وعليه يدخل أصحاب هذه الشقق
في لعبة السين والجيم مع تقديم كل الشروحات الوافية والخاصة بالشقة أو المنزل الموجه للكراء والحفاظ عليه مدة التخييم فيه. وقد أجمع العديد من المصطافين والعائلات القادمة من الولايات البعيدة على أن الكراء لهذه السنة مرتفع جدا خاصة أمام انعدام كل مراكز الراحة، حيث يستغل أصحاب المنازل الوضع الراهن من أجل الربح السريع، حتى المستودعات هي الأخرى تستغل كنزل يقوم بعض الشبان
والأشخاص بكرائه، ويصل سعر كراء الليلة الواحدة إلى 2000 دينار، فيما يزيد ارتفاعا بالنسبة للمنازل المجهزة خاصة تلك القريبة من البحر.
تجهيزات البحر ومستلزماته حاضرة بكل المحلات والباحات العنابية
اكتظت عشرات المحلات التي غيرت نشاطها، بمجرد افتتاح موسم الإصطياف بوسط مدينة عنابة وما جاورها، لتكتب على لافتات ظاهرة للعيان “مستلزمات الراحة و الإستجمام”، أين تم تعليق مجموعة من الشمسيات والكراسي وكذلك ألعاب الصغار التي تخص البحر، ناهيك عن بعض اللواحق الأخرى مثل حاملة الطعام وتختلف
أسعار هذه المواد من محل لآخر وحسب نوعية السلعة التي يرشحها الباعة بأنها من المستوى الأول لأنها قادمة من تركيا وفرنسا، وتوجد المنتوجات المحلية كذلك التي تتناسب وميزانية الزوالية ومطالب العائلات محدودة الدخل حتى لو كانت نوعيتها رديئة.
ورغم تنوع نشاط المحلات، إلا أنه يوجد مجموعة من الأطفال في سن التمدرس وهناك من هم في المتوسط يقومون بكراء هذه الشمسيات مقابل بعض المصاريف ومساعدة آبائهم في شراء كل ما يلزم البيت.
النقل يغطي احتياجات الزوار
ساهم مخطط النقل الحضري وشبه الحضري الذي وضعته مديرية النقل بعنابة، في تعزيز الحركية وإعطاء دفع للنشاط السياحي الجواري، حيث سهل البرنامج اليومي المقدم من طرف مصالح النقل تنقل العائلات بكل أريحية إلى المناطق السياحية
منها الغابات والشواطئ الـ 21 التي تعرف اقبالا واسعا من طرف المواطنين خاصة، نهاية الأسبوع، فيما تعذر على بعض المتوافدين التنقل إلى عنابة هذه السنة بسبب غياب النقل ما بين الولايات بسبب الجائحة الحالية، أين تم غلق كل الطرقات التي تربط الولايات فيما بينها، وعليه فإن كراء سيارة “فرود” أو “كلونديستان” يتطلب مبلغا ماليا كبيرا، وهذا سبب كافٍ لعدم تنقل العديد من المواطنين إلى شواطئ بونة، فيما يجد أصحاب السيارات الخاصة ضالتهم لكسر الرتابة السنوية والتنقل ليلا للتوجه نحو بونة.
المقاهي تتزين بـ”الشيشة” و”الكريبوني” و”المالوف” يزين قعدات “الساهرين”
شرعت المقاهي في نشاطها مع أول يوم من افتتاح موسم الإصطياف بعنابة، حيث يسعى أصحابها إلى احترام مقاييس النظافة والحرص على وضع كل ما يخص الزبون بطرق منظمة مع محاولة التقليص من الإكتظاظ داخلها، ورغم إجراءات الحجر الصحي، وضعت المقاهي كل ما يخص الزبون من شاي وقهوة تركية وعربية، ناهيك عن الشيشة التي تعد مطلب الكثير من المولعين بها، أين يتسابقون على الكراسي المتراصة على طول المقهى الشعبي لأخذها والتي تتمازج مع صوت وبحة الراحل حسان العنابي ومطرب الشعبي الهاشمي قروابي، كل هذا يزيد من بهجة المتواجدين وفرحتهم بعد تخلصهم من الحجر في المنازل والبحث عن الهواء العليل ونسمات البحر.
الكريبوني والمثلجات المعروفة بعنابة تتميز هي الأخرى بنكهة خاصة يعدها بعض المختصين مع إضافة لها نكهات الليمون، الشكولاطة وغيرها، لكن كل زوار عنابة يطلبون “الكريبوني” الرائع المصنوع من الليمون وخلاصة النعناع، فهو يخص هذه المدينة منذ أكثر من قرن، إلى جانب البوراك العنابي والسمك على الجمر، وكذلك يكثر الطلب على بعض الأكلات التقليدية منها الشخشوخة العنابية والثريدة وغيرها من الأطباق المختلفة.
“البولفار” والحدائق تصنع التميز
يعتبر البولفار من الأماكن السياحية الجميلة والفريدة من نوعها وقبلة للساهرين خاصة في الليل، أين تنزل العائلات للتمتع بنسمات البحر بعيدا عن رتابة البيت والحرارة المرتفعة هذه الأيام، بالإضافة إلى قضاء وقت مميز مع الأهل والمشي على طول الواجهة البحرية، أين يتمتع الساهرون بالنسمات الباردة رفقة الأطفال الصغار الباحثين عن نقاط الترفيه، وبعيدا عن البحر وضجة الحضور، هناك عائلات فضلت البقاء بالغابات وتناول فطورها وحتى وجبة العشاء بين المروج الخضراء. وبعد إعادة فتح بعض الحدائق وأماكن التسلية أمام سكان عنابة مع احترام شروط الوقاية والنظافة، تعرف الحدائق الموزعة بوسط مدينة عنابة اقبالا واسعا من طرف المواطنين وتقوم بمرافقتهم الجمعيات التي تقدم كل النصائح خلال حملاتها التحسيسية تفاديا لتزايد عدد الإصابات بوباء “كورونا”.
أنفال. خ