البنايةُ ـ شاهدة الزورِ ـ لم تعترف للهدوء بأنّ الذي مرّ من ساعة تاركا صخبا كأزيز المطارات كان أنا…
واقع الأمر أنّي سعيدٌ
سعيد على غير ما ألفتني مرايا الصباحِ
لذا سوف أقتلع الوجه منها
سأجبرها أن تراني كما يرغب الآخرونَ وأرغبُ، شمسا خرافيّةً
السيارة كتلة ضوضاء تجتاز هذا الممرّ المضمّخ بالصمتِ
صوت المحرّكِ
إيقاع فيروزَ يطلع مرتخيا من مكبّرة الصوتِ
(نسّم ْ علينا الهوا)
والهوى كالهواء ارتعاشة كفٍّ
وتلويحة العاشقين بباب اللقاءِ
لأني سعيدٌ حملت دمي سلّة من فواكه طازجةٍ
وعبرت إلى الضوءِ
دغل من الضحكات يحاصرني
فالصباح الذي كان يأتي بطيئا أراه يهرول فوق الرؤوسِ
الجرائد تلبس ثوب المهرّجِ
تُضحكني ..
فأقهقه، حين أطالع من صفحة الوفيات كلاما طريفا
لأني سعيدٌ … سأقرأ شعرا سخيفا
سأقرأ أسخف ما كتب الشعراء الرديئونَ
(نبض الحشاشةِ، كأس الغرامِ، الشغاف) الكلام القديم المرسكلَ
أقرأ ما ليس يتعبني
ما يعلّقني بين قوسين من فرحٍ وهباءٍ
لأني سعيدٌ… تفاجئني الكلمات الجميلةُ
تلك التي كنت ألمحها في حقول التعابيرِ
رافلة في فساتينها الحمرِ
تعرفني الآن، تضحك لي، وتبادلني النظرات بلا خجلٍ
في المساء رجعت إلى قلعتي
كان حزني متكئا عند باب البناية كالشيخِ – نفس البناية شاهدة الزور-
قال: ” انتظرتكَ.. أين اختفيتَ؟ .. لماذا تأخّرت عنّي؟