يلقى قرار الحجر الصحي الشامل المفروض على ولاية البليدة للحد من تفشي فيروس كوفيد-19، تجاوبا واسعا من طرف السكان القاطنين وسط المدينة في حين تتباين النسبة بباقي البلديات، رغم التكثيف من حملات التحسيس لتفادي الإصابة بالوباء، ما دفع بالكثيرين للمطالبة بأساليب ردعية أكثر في حق المستهترين.
فالمتجول بأحياء وشوارع وسط مدينة البليدة شبه الخالية يقف على تجاوب سكانها مع إجراءات الحجر المنزلي الرامية لتطويق فيروس كورونا ومنع تفشيه عقب تسجيل الولاية لأعلى معدل من الإصابات، بحيث اختفى ضجيج السيارات التي كانت تتسبب في أزمة السير الخانقة على مدار ساعات اليوم وكذا المارة الذين تحصنوا ببيوتهم للوقاية من هذا الفيروس الذي فقدت بسببه العديد من العائلات البليدية أحباءها.
كما حل السكون بأهم الشوارع الرئيسية التي كانت تعج بالحركة على مدار ساعات اليوم، بالنظر للعدد الكبير للمحلات التجارية والمطاعم المتواجدة بها على غرار شارع “محمد بوضياف” المعروف بشارع 20 متر وشارعي “كريتلي مختار” و “العربي التبسي” و”ساحة الحرية”.
ويلاحظ أيضا التزام أصحاب هذه المحلات التجارية والمطاعم الموزعة عبر جل الشوارع الرئيسية للمدينة بقرار تعليق نشاطهم إلى غاية إشعار لاحق، باستثناء المحلات المخولة لها ممارسة نشاطها بشكل عادي إلى غاية الساعة الثالثة زوالا لضمان تموين المواطنين بمختلف حاجياتهم الضرورية من غذاء ودواء (محلات البقالة والملبنات والقصابات وكذا الصيدليات).
وعلى النقيض تماما، تشهد أغلبية بلديات الولاية بما فيها المحاذية لعاصمة الولاية تجاوبا نسبيا مع قرار الحجر الصحي الشامل، بالرغم من دعوات البقاء بالمنزل لتفادي الإصابة بفيروس كورنا الذي أضحى يشكل هاجس جميع سكان العالم.
فلا مناشدات الأئمة عبر مكبرات المساجد ولا دعوات مصالح الأمن التي تجوب بشكل دوري مختلف الأحياء والشوارع لحث المواطنين على التحصن ببيوتهم وجدت أذانا صاغية، بحيث لم يتغير نمط الحياة اليومية كثيرا بجل بلديات الولاية باستثناء غلق المحلات والمقاهي على غرار بلدية بوعرفة المحاذية لعاصمة الولاية (غربا) أين لا يزال سكانها من مختلف الأعمار يتجمعون بأحيائها غير آبهين بخطورة مثل هذه التصرفات في مثل هذا الوضع الصحي الخطير.
وأرجع عدد من سكان هذه البلدية التي فقدت إحدى عائلاتها أربعة أشخاص بسبب إصابتهم بهذا الفيروس، أسباب عدم التزامهم بقرار الحجر المنزلي إلى استحالة البقاء بالمنزل طيلة اليوم، خاصة أن العديد منهم يعيشون في منازل لا تزيد عدد غرفها عن الثلاثة، مؤكدين أن التزام القاطنين بوسط المدينة راجع إلى الإجراءات التي اتخذتها مصالح الأمن، لاسيما ما تعلق “بغلق جل المسالك التي تربط الشوارع ووضع الحواجز الحديدية، بالإضافة إلى تكثيف دوريات المراقبة وليس بسبب ارتفاع نسبة الوعي لديهم، كما يخيل للبعض”.
وفي هذا السياق، أبدى شاب في العقد الثالث من العمر امتعاضه من هذا القرار الذي تسبب في فقدان مصدر رزقه، مؤكدا أنه يحرص على الالتزام بتدابير الوقاية على غرار تفادي السلام بالأيدي وكذا غسل اليدين بشكل مستمر، بالإضافة إلى تفادي التواصل مع والديه الكبيرين في السن.
ولم يختلف الوضع كثيرا ببلدية بوفاريك التي يتواجد بها المستشفى الذي يرقد به عدد معتبر من المصابين بهذا الفيروس، أين يلاحظ الزائر لهذه المدينة اللامبالاة التي يتعامل بها المواطنون مع هذه الأزمة غير آبهين بخطورة الوباء، وهي نفس المظاهر المسجلة ببلدية بوقرة التي اضطر رئيس بلديتها إلى التصعيد في خطاباته الموجهة للمواطنين، محذرا إياهم من الإضطرار إلى تسخير القوة العمومية لحملهم على البقاء بالمنزل عقب فشل كل الحملات التحسيسية والتوعوية حول خطورة هذا الفيروس.
رفيق.أ