لم تكن الثورة الجزائرية إلا إحدى الثورات التي تركت بصماتها الجهادية في مسارها الثوري لرفع شعار الجهاد، وإنما يمثل روح الوطنية والتضحية والاستشهاد من أجل تخليص الوطن من الاستعمار، وليس من العدوان أو التعصب أو الحرب الحتمية بين الإسلام والمسيحية كما يدعون .ولقد فسر القادة الجزائريون الجهاد، على أنه دفاع ضد العدو الفرنسي وعن الوطن والمجتمع الجزائري، وعن الأخلاق الجزائرية، التي هي أخلاق المجتمع الإسلامي الذي ذكرت في الشريعة الإسلامية، والجهاد هو القتال في سبيل الله ومعناه المبالغة في محاربة الأعداء واستفراغ الطاقة في قتالهم، ويكون بالفعل والقول والتفكير في القضاء على العدو ويكون ذلك بإخلاص النية لله، والمقاتل الجزائري نشأ وتربى على سماع كلمة الجهاد وما أعده الله للمجاهدين من منزلة وكرامة، خاصة عندما يرى بلاده محتلة وأهله يسومهم العدو الذل والهوان، والدماء مسفوكة والأعراض منتهكة والله سبحانه وتعالى يدعوا المؤمنين للجهاد في سبيله ويغريهم بما أعد لهم من الأجر والفضل والدرجات، ويحذرهم من القعود وما يترتب عليه من ويلات بقوله: “انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون” التوبة:41.
كما تمثلت مظاهر الجهاد الإسلامي أيضا في أنه عند قدوم مواطن للانخراط في جيش التحرير، فإنه كان يقول أنا قادم للجهاد الذي كان يتسابق إليه المجاهدون، وهكذا أصبح الجهاد أحد أهم الأسس التي بنا عليها قادة الثورة الجزائرية قواعد حربهم للعدو، والجهاد في سبيل الله والوطن، وسيلة الثوار الجزائريين الأقوى لاستثارة الحماسة والتحريض على القتال وبث قدرة الصمود في النفوس وقد أعطت فكرة “الجهاد” وصيحة “الله أكبر” الرغبة في الاستشهاد، وهكذا أصبحت كلمة الجهاد عنوانا للثورة الجزائرية وعنوانا لإستراتيجيتها، كما أنه باسم الجهاد استعادت الجزائر استقلالها ولم يذكر التاريخ الإسلامي في عصوره المتوسطة ولا تاريخ الثورات عن قتال كانت فيه ملامح من الجهاد الديني المؤيد بروح الله مثلما شهد في الثورة الجزائرية ولعل هذا يبرز تكامل المبادئ الوطنية مع المبادئ الدينية لدى مناضلي الثورة الجزائرية، التي كان فيها الوازع الديني عنصرا هاما في عملية التحرير، ولولا هذا الإحساس الديني لما تسابق الجزائريون في الانضمام إلى الثورة والتضحية من أجلها، ذلك أنهم كانوا مقتنعين بأن الدفاع على الأرض، إنما هو دفاع عن الإسلام، وانتصارهم على الغزاة هو انتصار للأمة الإسلامية قاطبة .
مذكرة تخرج – جامعة تيارت-