إن دور المسجد في الحرب التحريرية الكبرى، كان كبيرا ومتميزا، حيث أنه تحرك بصماته الواضعة في توجيه الثورة، ورسم معالمها، لأن المساجد صارت أيام الثورة بمثابة قلاع للجهاد في سبيل الله من أجل تحرير الوطن الجزائري، إذ أنه شارك في الثورة من بابها الواسع، وذلك بالدعاية ونشرها فكان بمثابة قناة إعلامية هامة تحظى باهتمام كل الشعب الجزائري، وتثقفه في تبليغ أخبار الجهاد وانتصار المجاهدين عن طريق رجاله الذين كانوا يحثون الناس على الجهاد في سبيل الله والتضحية في سبيل نجاح الثورة وانتصارها .وإلى جانب هذا استمر العمل الجاد من طرف بعض أئمة المساجد وبعض الزوايا التي لم تسيطر عليها سلطات الاحتلال، فقاموا بنشر تعاليم الدين الصحيحة وبمهمة التوجيه الفكرية بل والعسكرية للمواطنين وبتعليم النشأ القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة واللغة العربية وتاريخ الإسلام وحضارته. وهكذا أدى المسجد دوره أيام الثورة التحريرية، وخاصة المساجد الموجودة في القرى والأرياف و المداشر البعيدة عن أعين الاستعمار، والتي شهدت العديد من لقاءات رجال الثورة بعامة الشعب لتبليغهم تعليمات وأوامر القيادة العليا للثورة وذلك عن طريق أئمة المساجد في الأرياف والذين كانوا يتقاضون أجورهم من الثورة. فكان المسجد هو أهم أداة لتوحيد صفوف الثورة، حيث شمل المجاهدين من شتى نواحي القطر، وأيضا يعد مكانا للدرس والفقه، والشورى، وقيادة الدولة وتوجيه المجتمع، إذ تحولت نشاطات المسجد وأصبح البعض منها مكانا للتجنيد وإصدار الفتاوى وتقييم سياسات التنمية والإصلاحات، فهو محل أداء شعائرهم التعبدية من صلاة واعتكاف، وقراءة القرآن، وذكر الله تعالى، والمتتبع لسياسة فرنسا في الجزائر في الإطار العام، وأول شيء بدأت به، المساجد ومقاومة الإسلام والعربية، فالمساجد منها ما أغلقته ومنها ما هدمته ومنها ما حولته إلى ثكنات وكنائس.
مذكرة تخرج – جامعة تيارت-