البعد الديني في الثورة الجزائرية.. دور الكشافة الإسلامية الجزائرية إبان الثورة التحريرية

البعد الديني في الثورة الجزائرية.. دور الكشافة الإسلامية الجزائرية إبان الثورة التحريرية

إن الكشافة الإسلامية الجزائرية كما عرفها مؤسسها “محمد بوراس”، جمعية تربوية وطنية، فهي حركة أصلية، تهتم بتربية النشأ الجزائري على أسس صحيحة، وتربية وطنية إسلامية صحيحة. وتستمد توجهها التربوي الكشفي من الإسلام، الذي هو دين الجزائريين، وتحرص على أهمية وضرورة تطبيقه كمنهج حياة للكشاف المسلم الجزائري، فالكشافة الإسلامية عملت على تعليم الطفل الكشاف أركان دينه من صلاة وصوم، وكيفية الوضوء، وغرس الأخلاق والقيم الإسلامية، وتعليم الطفل القرآن والأحاديث النبوية، وإلقاء خطب ودروس حول الدين وحياة الرسول صلى الله عليه وسلم.

فمن الملاحظ أن هذه الحركة تستمد برامجها ومنهجها من الكتاب والسنة وأسسها: الواجب نحو الله.  الواجب نحو الوطن.  الواجب نحو الذات والآخرين. ومن الملفت للنظر أن نجد الكشافة تدعوا إلى التمسك بمبادئ الإسلام ونبذ الإلحاد، وإلى التحذير من الانحراف الديني ونشر الأفكار الهدامة بين عناصر أمة تدين بالإسلام المتسامح، والحذر من “الهدامين الذين يعملون على وأد معنويات هذه الأمة”، على أن هذه الأمة تدين بالإسلام وتمجيد الأخلاق وتقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم، فلما اندلعت الثورة التحريرية 1954 م، تسابقت العناصر الكشفية لالتحاق بصفوف الثوار بأمر من القيادة الثورية، فدعت جبهة وجيش التحرير الوطني بكفاءات شبابية تتمتع بروح انضباطية عالية، وغيرة وطنية حيث أثبتت ولائها وإخلاصها للوطن عند تبنيها للمبادئ الثورية، فكونت الجبهة والجيش منهم خير الإطارات النضالية السياسية والعسكرية، واستعان ضباط جيش التحرير الوطني بخيرة من الكشفيين في مجال التدريب العسكري والمجال الصحي لامتلاكهم خبرات في ميدان الإسعاف والإنقاذ. وفي هذا الإطار استمر النشاط الكشفي خلال الثورة المسلحة، وقدم دعما ماديا ومعنويا، إذ أنجبت المدرسة الكشفية طليعة ثورية كانت قمة في التضحية وأداء الواجب الوطني، إذ سجل لنا التاريخ قائمة طويلة لقافلة الشهداء الذين ترعرعوا في أحضان هذه المدرسة الوطنية التي ربت في نفوس عناصرها حب الوطن والتضحية من أجل أن تحي الجزائر حرة مستقلة، فكانوا سباقين إلى ضمان الاستشهاد، وأوفياء لأداء اليمين ” بالله الذي لا إله إلا هو وبركة المصحف الشريف، إني أهب نفسي للجزائر حتى النصر أو الاستشهاد”. فقد صدقوا ما عاهدوا الله عليه في أداء الواجب نحو الله والوطن. وصفوة القول أن الحركة الكشفية نجحت في نشر الوطنية وبعث الجزائر بعثا روحيا خلصها من قيود المستعمر وظلمه.

 

مذكرة تخرج – جامعة تيارت-