البعد الديني في الثورة الجزائرية.. خلق الصبر عند المجاهدين

البعد الديني في الثورة الجزائرية.. خلق الصبر عند المجاهدين

إن الصبر صفة ملازمة لكل المجاهدين طيلة سنوات الثورة، فالإيمان نصفان نصفه صبر ونصفه شكر، فمنذ احتلال الجزائر من سنة 1830 م إلى سنة 1962 م عملت فرنسا على قتل وتعذيب مئات الآلاف الجزائريين ، وأشهرها التعذيب بالكهرباء إن هذا الأسلوب المرعب من التنكيل، الذي ذكر في كثير من الشهادات، يحدث ألما فظيعا في الجسد كما يؤلم الذاكرة، لأنه استخدم بكثرة أثناء الحرب التحريرية، فقد ثبت في شهادة أحد المعتقلين، بأنه  ”رمي على سرير معدني، له مسند مائل، ووضع لي الجلاد أصفادا على مستوى المرفقين، بعدما أمسك شحمة أذني بملاقط معدنية وقال:”سأضع لك حلقا، ثم شغلوا المولد الكهربائي، فعضضت لساني مرات عديدة، كان الألم صاعقا، وكنت أصرخ وأتقلب بكل قوة”. ويستخدم الجلادون طرقا أخرى، يقول أيضا المعذبين:” رموني على سرير معدني مكتف اليدين والقدمين، وعذبوني بالكهرباء مدة ساعة ونصف تقريبا في اليوم الأول، وكانوا يصبون علي الماء ليزداد الألم الكهربائي، لا أستطيع وصف هذا الألم، ورغم الحالة التي كنت فيها فقد ضربني أحدهم بمطرقة على بطني”. وهذا هو الصبر الحقيقي الذي يتميز به جيش التحرير الوطني، فالصبر كما نعلم جميعا من الأسس الأخلاقية التي يقوم عليها الخلق الحسن .فالصبر يعني الثبات والصمود ، أي أن أي ثورة ما لن تستطيع تغيير الإنسان إن لم تكن لها قاعدة أخلاقية قوية ، أما الطاعة، فقد تزين المجاهدين بطاعتهم العمياء لبعضهم البعض وذلك لتأكدهم من أخلاق بعضهم البعض ، إذ يجب على المجاهد أن يمتثل لجميع الأوامر التي تأتيه من مسؤوله المباشر وكذلك الأمر بالنسبة للأعمال التي تناط به وبسلوكه وأقواله. قال تعالى ” يَا أَيهَا الَذِينَ آمَنوا أَطِيْعوا اللهَ وَأَطِيَعوْا الرَّ سولَ وَأوْلِيَ الأَمْرَ مِنكمْ ” ، أي أن الثورة الجزائرية كانت تستلهم الدين في كثير من مواقفها ومبادئها، وأي شخص كان يعصي أوامر الثورة، كان يعتبر مارقا يستحق العقاب. كما أن القانون الداخلي للثورة التحريرية كان يطبق بصرامة وديمقراطية وعدالة على الضابط والجندي والمدني .

مذكرة تخرج – جامعة تيارت-