صحة المواطن في صلب الأولويات الدولة

البروفيسور طبايبية يدعو إلى تفعيل ثلاثي الوقاية لمواجهة الأمراض المزمنة وتقليل أعباء الإعاقة

البروفيسور طبايبية يدعو إلى تفعيل ثلاثي الوقاية لمواجهة الأمراض المزمنة وتقليل أعباء الإعاقة
  • استراتيجية وقائية شاملة لمكافحة داء السكري


 

في ظل تنامي التحديات الصحية المرتبطة بالأمراض المزمنة، وفي مقدّمتها داء السكري، تواصل الجزائر جهودها الرامية إلى حماية صحة المواطن من خلال اعتماد استراتيجية وقائية شاملة، ترتكز على مبادئ الاستباق، التوعية، والرعاية المتكاملة.

وفي هذا السياق، أكد البروفيسور عمار طبايبية، رئيس مصلحة الطب الداخلي بمستشفى بئر طرارية ورئيس الجمعية الجزائرية لمحاربة السمنة وأمراض الآيات، أن مواجهة السكري لا يمكن أن تكون فعالة إلا إذا تأسست على ما يُعرف بثلاثي الوقاية: الوقاية الأولية، الثانوية، والثالثة. كما أكد البروفيسور، أن الدور لا يقتصر فقط في العلاج، بل في منع المرض من الظهور، ومنع مضاعفاته، ومنع تحوله إلى إعاقات دائمة تمس الفرد والمجتمع.

 

وقاية متعددة الأبعاد من السلوك الفردي إلى السياسات العامة

كما أوضح طبايبية، أن الوقاية الأولية تبدأ من خلال تعزيز نمط حياة صحي، الذي يعتمد على التغذية المتوازنة، وممارسة النشاط البدني، والكشف المبكر. وهنا تُسجل الدولة حضورها عبر حملات توعية، إدراج التربية الصحية في المناهج، وتوسيع نطاق التحاليل المجانية في المؤسسات الصحية. أما الوقاية الثانوية، فتتمثل في المتابعة المنتظمة للمصابين لضبط مستويات السكر وتفادي المضاعفات، من خلال تسخير الوسائل التقنية والبشرية داخل الهياكل الصحية. وتبلغ المقاربة ذروتها في الوقاية الثلاثية، التي تهدف إلى تفادي الإعاقات الناجمة عن السكري، كفقدان البصر، بتر الأطراف أو الفشل الكلوي. وهنا، تبرز أهمية التكفل الطبي المبكر، والتنسيق بين المؤسسات الصحية والضمان الاجتماعي، لتقليص الكلفة الاجتماعية والمادية.

 

من العلاج إلى التمكين.. ثلاث أدوات رئيسية

وفي هذا الشأن، شدد البروفيسور طبايبية على أن نجاح هذه الاستراتيجية لا يقتصر على الجانب الطبي، بل يتطلب تضافر جهود ثلاثة أطراف رئيسية، المريض الواعي بمسؤوليته في متابعة علاجه، العائلة التي تُوفر الدعم والتشجيع، ومؤسسات الدولة التي تضمن الإطار التنظيمي والتقني. وقال البروفيسور في هذا الشأن إننا عندما نتقاسم المسؤولية، ننجح في تقليل الكلفة البشرية والمادية ونحمي قدرات الدولة من الاستنزاف.

 

إعلام شريك في الوقاية

وفي ختام حديثه، وجّه طبايبية نداء للإعلام، داعيا إلى لعب دور فاعل في التثقيف الصحي ونشر الوعي، قائلاً: الصحفيون ليسوا ناقلي أخبار فحسب، بل حراس وعي المجتمع وعليهم تبسيط المعلومة وتحفيز التغيير السلوكي.

 

نحو أفق صحي أكثر أمنا

كما يعد هذا التحدي الذي يفرضه داء السكري لا يكمن فقط في أرقامه المتزايدة، بل في آثاره العميقة على الفرد والمجتمع، لذلك فإن تبنّي الجزائر لاستراتيجية وقائية متعددة الأبعاد يُعدّ خطوة ذكية واستباقية تحفظ صحة المواطن وتضمن استقرار المنظومة الصحية. ومع تفعيل دور الإعلام، وتحفيز وعي المواطن، وتكثيف الجهود المؤسساتية، تفتح الجزائر باب الأمل أمام مجتمع أكثر وعياً، وأقل عرضة للمضاعفات، وأكثر قدرة على التصدي للأمراض المزمنة بفعالية واستدامة لأن الوقاية ليست مجرد خيار، بل هي مستقبل الصحة.

إيمان عبروس