البركة في المعيشة

   البركة في المعيشة

 

لو نظرنا في واقعنا المعيشي وحياتنا الاجتماعية لوجدنا إلا من رحم الله أن البركة منزوعة منا وبعيدة عنا فتجد الواحد منا يكد ويكدح وربما يعمل في أكثر من عمل لكنه حينما ينظر في واقعه يجد أن معاناته تزيد وأعبائه تكثر، يخرج أحدنا إلى السوق ومعه الآلاف من الدنانير فيرجع فلا يجد منها إلا القليل فينظر فيما اشتراه فإذا بها مشتريات قليلة أو حاجات بسيطة فأين ذهبت تلك الآلاف إنها قلة البركة. أصبح الكل يصيح ويشتكي حتى الأغنياء وميسوري الحال مما يدل على أن أساس المشكلة هي قلة البركة، فلا بركة في أموالنا ولا بركة في أرزاقنا ولا بركة في أوقاتنا ولا بركة في بيوتنا ولا بركة في أولادنا ولا بركة في أعمارنا فيا ترى ما هي المشكلة وما هي أسبابها وما هو الحل لهذه الظاهرة الملموسة والقضية المحسوسة التي نحسها في واقعنا ونلمسها في حياتنا فكان لزاماً علينا أن نتأمل أحوالنا ونراجع أنفسنا وننظر في الأسباب التي أدت إلى نزع البركات وقلة الخيرات ولهذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يقول في قنوته ودعائه اللهم إهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت.. وبارك لنا فيما أعطيت ” فما هي البركة وكيف نستجلبها؟

إن البركة تستجلب بتقوى الله وطاعة الله والالتزام بالأوامر والنواهي يقول الله سبحانه وتعالى ” وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ ” الأعراف: 96. ويقول ” وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ” الجن: 16. ويقول سبحانه وتعالى عن أهل الكتاب ” وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ” المائدة: 66. فلننظر في أنفسنا وفي بيوتنا وفي مجتمعنا أين نحن من تقوى الله وطاعته، سنرى أن المعاصي منتشرة والإيمان قد ضعف في نفوسنا والتقوى قد غابت عن قلوبنا حتى صرنا لا نرجو لله وقاراً ونعصي الله عز وجل ليلاً ونهاراً. إن من أعظم الأمور التي تجلب البركة الصدق في المعاملات سواء كان في البيع أو الشراء أو غيرها من المعاملات الأخرى فمن غش في معاملاته أو كذب في بيعه وشرائه فهذا ممحوق البركة. وتأمل في معاملاتنا ستجد النصب والاحتيال والأيمان الكاذبة واللف والدوران وأخذ الربا وأكل الرشوة والسرقة واللامبالاة في أكل الحرام الواضح والمشتبه وبيع المحرمات الظاهرة بل ربما تصل الأمور إلى الظلم والتعدي على حقوق الآخرين وأكل أموال الناس بالباطل.