على السجادة الحمراء، تُرسم الأجساد كأنها منحوتات مثالية والسرّ ليس فقط الحمية أو التمارين، بل حقن سحرية تُعرف اليوم باسم “إبر التنحيف”.
هذه الوسيلة غيّرت حياة الكثيرين، وجعلت من الرشاقة هدفاً في متناول الإبرة، لكن خلف هذا التحوّل الجسدي المذهل، تقف تساؤلات مقلقة عن تأثيرها النفسي، مخاطرها الصحية، وحقيقة الإدمان الذي يدفع ببعض النجوم نحو الحافة.
وبدأت هذه الإبر كعلاج لمرضى السكّري، لكن سرعان ما اكتُشفت فعاليتها في كبح الشهيّة وخسارة الوزن بسرعة. ومن هنا، وجدت طريقها إلى هوليوود والعالم العربي، حيث الصورة تعني كل شيء.
لكن رغم الإغراءات، قد يكون الثمن باهظاً، فالإبر ترتبط بآثار جانبية كثيرة: غثيان، إسهال، فقدان عضلات، تساقط شعر، ضعف عام، وقد تصل في بعض الحالات إلى التهاب البنكرياس أو مشاكل الغدة الدرقية، كما أن بعض المرضى واجهوا تدهوراً في وظائف الكلى أو المرارة، إلى جانب تغيرات حادة في المزاج واضطرابات في صورة الجسد. وفي أوساط المشاهير العرب، فقد توالت التحذيرات من حقن إنقاص الوزن بعد تسبّبها بأزمات صحّية لعدد منهم. وكانت الممثلة المصرية هند عبد الحليم قد أعلنت دخولها المستشفى إثر إصابتها بشلل مؤقّت في المعدة بعد استخدامها هذه الحقن لخمسة أسابيع، داعية جمهورها عبر إنستغرام إلى استشارة طبيب مختصّ قبل اللجوء إليها. من جهته، كشف الفنان خالد الصاوي في لقاء تلفزيوني أنه كاد يفقد حياته بعد تجربته مع نوعين من هذه الحقن رغم خسارته 20 كيلوغراماً، إذ تسبّب الأمر بتوقّف جهازه الهضمي ودخوله المستشفى. أما الفنانة إلهام شاهين، فرغم تأكيدها فعالية إبر التنحيف، حذّرت من مضاعفاتها، ووصفت استخدامها من دون إشراف طبي بالخطير واعترفت في حديث إذاعي بأن اعتمادها المفرط على هذه الأدوية كان “خطأً” تسبّب لها بمتاعب صحية.
وكشفت ليال صرّوف كعدي، اختصاصية علم النفس عن الأسباب التي تدفع الأشخاص ولا سيّما المشاهير إلى اللجوء إلى إبر التنحيف رغم خطورتها على حياتهم، مؤكّدة أنّه “رغم إدراكهم أن هذه الحقن لا تمنحهم النتائج المرجوّة، يستمرون في استخدامها”.
وأمّا أبرز الأسباب، فهو بحسب كعدي، مرتبط بضغوط السوشيال ميديا، إذ قالت: “ترتبط شهرة النجوم مباشرةً بصورتهم على منصات التواصل الاجتماعي”. وتُضيف: “هذا الضغط لا يقتصر على المشاهير فحسب، بل يطال أيضاً الأشخاص العاديين الذين يعانون إن لم يتمكنوا من ضبط حضورهم الرقمي”.
سبب آخر تتحدّث عنه كعدي وهو قلّة الثقة بالنفس. فحتى المشاهير، على حدّ قولها، لا يتمتعون دائماً بثقة عالية بأجسامهم، ما يدفعهم إلى تجربة وسائل متعددة للوصول إلى ما يعتقدون أنه “الجسم المثالي”. وتُنهي المعالجة النفسية تعداد الأسباب بالإضاءة على تأثير متطلّبات المهنة، وعبّرت عن ذلك بالقول: “للمتطلبات المهنية أيضاً دورها، فمسيرتهم المهنية تتطلب مظهراً جسدياً مثالياً، وهذا يدفعهم أكثر لاستخدام هذه الحقن”، مُضيفةً أنّ “الجسم بالنسبة إليهم يشكّل شرطاً أساسياً للعمل، وهو بوابة دخولهم إلى المهنة. وفي مرحلة ما، يصبح جزءاً من هويتهم، إذ يثبتون أنفسهم من خلال مظهرهم الخارجي”.
ق-ث