الانهيارات الفجائية تزيد الوضع سوءا… ترميمات مكثفة لإعادة بريق القصبة… هل ينجح الأمر؟

الانهيارات الفجائية تزيد الوضع سوءا… ترميمات مكثفة لإعادة بريق القصبة… هل ينجح الأمر؟

 

رغم مساعي السلطات الولائية في إنجاح مخطط ترميم حي القصبة العتيق بالعاصمة، من خلال إعادة الاعتبار للعديد من المعالم التراثية، غير أن ذلك لم يمنع من تسجيل فشل السلطات في إعادة بريق البهجة من خلال هذا الحيّ، الذي يعرف الكثير من الانهيارات الفجائية والدورية، بسبب الهشاشة الكبيرة لأغلب الدويرات التي لم تعد قادرة على التحمل أكثر.

 

عمليات الترميم تقطع أشواطا ولكن..

وبالرغم من استمرار عمليات الترميم في القصبة، ومن تغني السلطات بقطعها أشواط كبيرة، وتحقيقها تقدما ملحوظا في تأهيل واعادة الاعتبار للعديد من المواقع، حسب شهادات المسؤولين بالولاية، غير أن تساؤلات المتتبعين للشأن المحلي حول إمكانية وقدرة الحكومة على إعادة بريقها، ما تزال تطرح لحد الساعة، خاصة وأنها تعاني وهي إحدى أجمل المدن العتيقة الغنية بتاريخها في حوض البحر المتوسط، من خطر انهيار مبانيها، هذه المدينة بقلعتها المشيدة في القرن السادس عشر من طرف الإخوة خير الدين وبابا عروج بربروس، وبقصورها العثمانية وأزقتها الضيقة، تعرضت للزلازل والفيضانات والحرائق ما أثر على مبانيها ودمر البعض منها، كما فقدت القصبة الكثير من بريقها وجمالها في عهد الاستعمار الفرنسي بسبب تعرضها للسرقة والتهديم المتعمد.

 

النسيج العمراني المعقد زاد من صعوبة الترميم

وحسب شهادات القائمين على عملية الترميم، فإنهم صادفوا في البداية عدة صعوبات تتعلق بارتباط البناية ببنايات أو ما يعرف بالدويرات بأخرى مهترئة مهددة بالانهيار، مما استدعى تدخلا استعجاليا لدعمها، حيث المشاكل التي تواجه عملية الترميم تعود إلى طبيعة بناء القصبة، حيث يتكئ كل بيت على البيت الآخر، وعندما يتهدم بيت يمكن أن تنهار كل البيوت من خلفه، حيث أن المشكل العويص الذي تواجهه عملية ترميم القصبة يتمثل في قنوات صرف المياه المستعملة ومياه الأمطار العتيدة، التي وبالرغم من تقدم الأشغال فيها، في مختلف المواقع المتمثلة في البنايات التاريخية، إلا أن العديد منها ما تزال تعاني من المشكل.

 

بنايات أثرية للعصور القديمة

وتقدمت الأشغال في العديد من البنايات منها دار باشطارزي والدويرات التي تقع بشارع أوسليماني فبلغت نسبة الأشغال فيها 60 بالمائة، فيما بلغت العملية بدار المجاهدة جميلة بوحيرد 30 بالمائة، إضافة إلى دار البارود ومسجد البراني ومسجد الداي 60 بالمائة على مستوى قصر الداي بالقصبة العليا وقصر حسن باشا بلغ 40 بالمائة، وبمسجد البراني 45 بالمائة، إلى جانب عدد من المساجد والمنازل المحيطة بهذه المواقع.

وسمحت عملية الترميم، باكتشاف العديد من الأثريات والبنايات من مختلف العصور على عمق 34 مترا خلال أشغال إنجاز محطة مترو الجزائر بساحة الشهداء، ويتم التعامل معها بحذر من أجل ترميمها والحفاظ عليها كمكسب جديد بالقصبة.

وخصص لترميم وإعادة الاعتبار للقصبة، أكثر من 50 مكتب دراسات لإجراء مختلف الدراسات بالقصبة بهدف إعادة ترميمها بصفة كلية، كما أن الأشغال التي انطلقت في نهاية 2016 تشرف عليها مؤسسات ومقاولات ومكاتب دراسات جزائرية وتختلف مدة إنجاز أشغال الترميم عبر كل موقع من المواقع الستة المدرجة في عملية الترميم حسب مستوى وحالة البناية من التدهور.

للإشارة، فإن القصبة تشمل مجموعة من معالم هامة تعد جزءا لا يتجزأ من المدينة القديمة، وهي القلعة والقصر وحصن 23 والمعالم الدينية، إلا أنها أهملت من طرف السلطات لمدة طويلة، الأمر الذي أفقدها السياح الأجانب والمحليين، بعد أن أصبح العديد من معالمها في وضعية كارثية، ومن بين 1816 معلما متبقيا تعد 30 بالمائة منها في حالة سيئة، و10 بالمائة منها منهارة.

والقصبة في المعنى التقليدي تعني وسط المدينة، تكون غالبا محاطة بالأسوار ومحصنة وبها أزقة سكنية وأسواق وعلى وتيرة القصبات من المغرب إلى دمشق في الشرق.

وأدرجت اليونيسكو قصبة الجزائر على لائحة التراث العالمي للبشرية منذ 1992، لـ “قيمتها الاستثنائية” وكشهادة على تناسق العديد من التوجهات في فنون العمارة في نظام معقد وفريد عرف كيف يتأقلم مع أرضية صعبة تقع في الهضبة المطلة على البحر.

لكن إجراء اليونيسكو لم يسهم في الحفاظ على المدينة القديمة بمساحتها البالغة 105 هكتارات وبيوتها التي فاقت الألف بيت ما زالت صامدة أمام الانهيارات، بحسب التقديرات.

إسراء.أ