الامتحان المصيري في الجزائر.. طلاب البكالوريا يعيشون الفترة الأهم في حياتهم العلمية

الامتحان المصيري في الجزائر.. طلاب البكالوريا يعيشون الفترة الأهم في حياتهم العلمية

يجتاز هذه الأيام، أزيد من 790 ألف مترشح من بينهم أكثر من 520 ألف متمدرس وأكثر من 269 ألف من الأحرار، وتشكل نسبة الإناث النسبة الأكبر في أعداد المترشحين هذه السنة بأكثر من 58 بالمائة، فيما تجاوزت نسبة الذكور الـ41 بالمائة .

ولاحظ الطلبة اتباع نفس الإجراءات المعمول بها في الدورات السالفة من خلال الحفاظ على النصف ساعة الإضافية للمترشحين والموضوعين الاختياريين لكل مادة ولكل شعبة.

 

ظروف مُهيأة والتوتر سيد الموقف

شهدت جل مراكز الامتحانات استعدادات مكثفة لتأمين امتحانات البكالوريا، وحسب ما أوردته مصادر متطابقة، فإن مراكز الامتحانات عرفت إجراءات مشددة، حيث حرص المسؤولون على مراقبة دخول التلاميذ وأخذهم أمكنتهم داخل الأقسام والقاعات.

وأوضحت ذات المصادر أن الامتحانات المذكورة انطلقت في أجواء يسودها الهدوء بمراكز الامتحان، بعد إتمام الإجراءات الاعتيادية المتعلقة بأمكنة الجلوس وأرقام الامتحان وتوزيع الأوراق على التلاميذ.

هذا، وتم تسجيل أجواء إيجابية خلال اليوم الأول من امتحانات البكالوريا، يطبعها الهدوء، الانضباط والحرص التام سواء من طرف التلاميذ أو من طرف الأطر الإدارية أو الأساتذة المكلفين بالحراسة.

أجواء مميزة داخل المراكز وخارجها

العينة التي وقفنا عليها هي ثانوية طارق ابن زياد ببراقي جنوب شرق العاصمة، التي عاشت كباقي الثانويات في الجزائر أجواء القلق، التوتر التي صنعها المترشحون بنفسيتهم القلقة، مزاجهم المعكر ووجوههم المصفرة، خوفا من التعثر قبيل لحظات قليلة من الجلوس فوق كراسي الامتحان، والانطلاق الفعلي للامتحانات النهائية للتعليم الثانوي.

كانت الظروف مهيئة داخل وخارج مراكز الامتحان، النقل متوفر لمن يسكن بعيدا عن المراكز والدكاكين مفتوحة لمن يريد اقتناء الأقلام أو الحلويات، الشرطة حاضرة مع الحماية المدنية وكذا الطاقم الطبي مع سيارات الاسعاف لضمان سيرورة حدث امتحان نهاية السنة الدراسية ونيل شهادة البكالوريا التي يعتبرها أغلبية المترشحين امتحانا مصيريا، كما عرفت الثانوية حضور جميع العمال لخدمة الطلبة، الأقسام مزينة، نظيفة، لضمان أجواء مريحة لهم.

كما شهدت بعض أقسام الامتحانات للثانوية مواقف حزينة، حيث أغمي على طالبة وهي تتصفح ورقة الأسئلة وطالبة أخرى تنفجر بالبكاء لأنها لم تتذكر أي مقطع مما راجعته سالفا ووجدت نفسها تائهة أمام ذاكرتها التي خانتها، والأغلبية وجدوا أنفسهم مصدومين لا حركة ولا نفس من شدة الصدمة.

 

الطلبة.. بين من جاء متأنقا ومن يجر أقدامه خوفا

أمام الثانوية، لاحظنا حضور الطالبات في أزياء أنيقة وجميلة توحي باهتمامهن الكبير بالمظهر الجميل دعما لنفسيتهن، على الرغم من الخوف الذي بداخلهن، بحثن عن طريقة يتغلبن بها على القلق الطبيعي الذي يغمرهن.

إلا أن الأمر يختلف عند البعض الآخر الذين صنعوا الحدث بطريقة أخرى، كأنهم ذاهبون إلى مأتم، فتجد الطلبة المقبلين على الامتحانات في نفسية مهبطة، وليس باستطاعتهم حتى حمل أقدامهم، وتجد آخرين لا يولونها أي اهتمام، المسؤولية التي يعتبرونها ملقاة على عاتقهم، زادت على قلقهم خاصة وأنهم مطالبون بالنجاح للظفر بقبول واحترام العائلة.

اقتربنا من التلميذة زينب وملامح التعب تظهر على وجهها، الهالات السوداء تحت عينيها الخضراوتين، واضعة يديها على رأسها، سألناها عن سبب جلوسها بمفردها، ليس خدمة للموضوع ولكن من باب الاطمئنان عليها، رفضت الكلام في أول الأمر، جلسنا أمامها ملحين على سبب الصمت والارتجاف من شدة الخوف، لتتكلم في الأخير والدموع تملأ عينيها الجميلتين، لتقول “رغم أنني أعرف أنه لابد من تنظيم وقتي بين الدراسة والراحة إلا أنني استغرقته كاملا في الدراسة والتحضير للامتحان حتى أنهكت قواي وتعرضت إلى أزمة صحية منذ يومين بسبب مرضي بـ “داء السكري”، واليوم وجدت نفسي تعبانة وأخاف أن أحرم من اجراء الامتحان إن أُصبت بأزمة صحية أخرى إذا انخفض السكر في دمي”.

سارة التي لم يسعفها الحظ العام الفارط لكي تدخل مع صديقتها إيمان ونهى إلى الجامعة، تقول إنها مستعدة لكي تجتاز امتحانات هذا العام وهي على ثقة كاملة بأن تنال الشهادة وتدخل السنة الجامعية الجديدة مع صديقتها.

أما ياسمين الطالبة النجيبة التي فضلت قضاء فترة التحضير لموعد الامتحانات في بيت جدها في أعالي جبال عين الحمام بتيزي وزو، أين الراحة والسكينة وسط الطبيعة الخضراء

والنسمة الطيبة بعيدا عن قلق المدينة وهرج الباعة والمشترين في باش جراح، قالت بأنها حضرت بشكل جيد للامتحان بعيدا عن الأجواء التي تخلق لديها نوعا من القلق في المدينة، وقالت بأنها تشعر بالراحة وأنها مستعدة للامتحان، مؤكدة أنها ستتحصل على المعدل الذي تتحصل عليه في الفصول والذي يتعدى 17 في كل مرة.

ومن جانبه، زكرياء الذي كان يحمل ورقة كتب فيها دعاء، أكد لنا أنه لم يتخل عن الدعاء وذكر الله طيلة السنة، راجيا من الحفيظ عز وجل أن يكون معه ومع جميع الطلبة المقبلين على البكالوريا، وأوضح محدثنا الذي لا يبلغ 18 سنة أنه اقترح على زملائه وأصدقائه أن يلتقوا كل مرة في المسجد لإقامة صلاة الفريضة جماعة وصلاة الرواتب وكذا قيام الليل، مضيفا بأن القرار لقي قبول أصدقائه، إلا أنه تأسف من عدم وجودهم في نفس المركز الذي سيمتحن فيه.

التلميذة سمية النجيبة هي الأخرى من بين المترشحات في شعبة الآداب واللغات الأجنبية، التقينا بها بعد خروجها من امتحان مادة الأدب العربي، أكدت لنا أن الموضوع كان سهلا وفي متناول الجميع وأنها ستواصل العمل والمثابرة مع التركيز إلى غاية اليوم الأخير.

في نفس الوقت تعيش أغلب الأسر التي تضم ممتحنين التي عملت طيلة العام على التحضير الجيد للامتحانات وضمان أجواء مريحة للأبناء، أجواء القلق والتوتر.

لمياء. ب