الاعتراف بالجميل خُلق من الأخلاق الفاضلة، وسجية من السجايا الكريمة، تدل على سلامة القلب، وطهارة النفس، ونقاء السريرة، كما أنها تدل على قيمة من أعظم القيم الإسلامية وهي الوفاء، أما عدم الاعتراف بالجميل والتنكر لصاحبه، فإنه يدل على لؤم الطبع، فالأول من الأخلاق العالية، والثاني من الأخلاق السيئة، وشتان ما بين الخُلقين، لذلك حرَص الإسلام على ترسيخ هذا الخلق في نفوس أتباعه، وغرسه في قلوبهم.
أولًا: الاعتراف بالجميل للوالدين:
إن جميل الأب والأم على ولدهما لا يُقدِّر قدرَه إلا الله عز وجل، لذلك يجب على الولد أن يعترف بجميلهما وحُسن صنيعهما، ولا يكون ذلك إلا ببرهما والإحسان إليهما، وتوقيرهما ومعاملتهما بكل أدب واحترام، لذلك جعلت الشريعة من أعظم أعمال البر: برَّ الوالدين؛ حتى تَحمِل الأبناءَ على الوفاء لآبائهم، والاعتراف بجميلهم عليهم في تربيتهم والعناية بهم، قال تعالى ” وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ” الإسراء: 23، 24.
ثانيًا: الاعتراف بالجميل بين الزوجين:
لكل من الزوجين الفضل على الآخر، فالزوج يسعى في الحياة ليوفر لقمة العيش لزوجته، ويظل يكدح لكي يحصِّل لها ما تحتاجه من ضروريات الحياة من طعام وشراب وكساء، وكذلك الزوجة لها فضل كبير على زوجها، فهي التي تربي له أولاده في غيبته، وتحفظ ماله، وتطبخ طعامه، وتغسل ثيابه، وتوفر له الهدوء والاستقرار في المنزل؛ حتى يجد فيه الزوج راحته وأُنسه بعد عناء العمل والتعب في القيام به، لذلك يجب على كل من الزوجين الاعتراف بجميل كل منهما على الآخر.
ثالثًا: الاعتراف بالجميل لعامة الناس:
الإنسان لا يعيش منعزلًا عن الناس مختلٍ بنفسه، وإنما يعيش في مجتمع يتفاعل مع أفراده، ويتعامل معهم، لذلك لا بد أن يكون أحد أفراد هذا المجتمع قد صنع معه معروفًا، أو أسدى له نصحًا، أو قضى له حاجة، أو فعل معه أي فعل يستوجب به الحمد والشكر، ومن هنا يأتي الاعتراف بالجميل دليلًا على حسن أخلاقه، وكمال إيمانه، وتمام إنسانيته.