لقد أمر الله تعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بأن يستقيم على دِينه وما أمَره به؛ قال تعالى: ” فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ” هود: 112؛ أي: استقِمْ على دين ربك، والعمل به، والدعاء إليه كما أمرت. والاستقامة: الاستمرار في جهة واحدة من غير أخذٍ في جهة اليمين والشِّمال. وقد بشَّر الله المستقيمين على أمره والقائمين بدينه، فقال سبحانه وتعالى: ” إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ” فصلت: 30، وقال: ” إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ” الأحقاف: 13؛ فالاستقامةُ على دين الله وطاعته كرامةٌ وأي كرامة، “وإن الله لم يكرم عبده بكرامة أعظم من موافقته فيما يحبه ويرضاه، وهو طاعتُه وطاعة رسوله، وموالاة أوليائه، ومعاداة أعدائه.
وإنما غاية الكرامة لزوم الاستقامة، فلم يكرم اللهُ عبدًا بمثلِ أن يعينه على ما يحبه ويرضاه، ويزيده مما يقربه إليه، ويرفع به درجته. فلا غرابة أن يكون أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: “يا مُقلِّب القلوب، ثبِّتْ قلبي على دِينك”.
– ومن الكرامة سموُّ أخلاقك، ورقي تعاملك مع من عرفت ومن لم تعرف؛ اقتداءً بنبيك وقدوتك صلى الله عليه وسلم.
– ومن الكرامة أن تبقى متمسكًا عاضًّا بالنواجذ على عقيدتك الصافية، ومنهجك السليم، عقيدة أهل السنَّة والجماعة.
– ومن الكرامة ملازمتك تحري رضا الوالدين والبر بهما؛ سعيًا لرضا الله الخالق سبحانه وتعالى.
– ومن الكرامة ألا يتوقف حرصك على حقوق الآخرين، والقيام بواجبك نحوهم، وعلى رأسهم أهل بيتك.
– ومن الكرامة أن يعيش معك ويلازم فؤادك حتى وفاتك حبُّك لِما يحب الله تعالى، وبُغضك لما يُبغض الله تعالى، وإن تغيَّر الأشكالُ والأسماء.