الاستغفار عِبادة عظيمة، شرَّفها المولى عزَّ وجلَّ في كتابه الحكيم، وثابر على ملازمتها رسولُنا الكريم صلى الله عليه وسلم، ومَن يدرك فضلها ويتتبَّع أجرها، نال محبَّة الله تعالى، فالله تعالى يحبُّ التوَّابين المستغفرين. والاستغفار عِبادة دائمة، يَلزمها المذنِبون، ويُقبل عليها الصالحون، وهي ركيزة أساسية في رِحاب التوبة الدَّائمة لملِك الملوك، وهي صِلة قويَّة بين العبد وربِّه الغفور الرحيم، ومَن كان في زمرة المستغفرين، فقد أمَّنه الله سبحانه من العذاب الأليم ومن وَيْلات الجحيم، فقال الله سبحانه: ” وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ” الأنفال: 33، والاستغفار يستوجِب الصِّدقَ في التوبة، والندمَ على الذنوب والآثام والتقصير الدائم في شكر الله تعالى على نِعَمه وآلائه.
ولقد ورد في القرآن الكريم والسنَّة النبوية فضائل وارفة الظِّلال على المستغفرين، وبيَّنَت النصوص الشرعيَّة العاقبةَ الحسنى لِمن كان الاستغفار نهجًا في حياته، ومن تدبَّر هذه الفضائل وسعى لها سعيَها، تحصل على ثواب الاستغفار في الدنيا والآخرة. ومن فضائل الاستغفار في القرآن الكريم: قال الله تعالى “ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ” البقرة: 199، وقال الله تعالى” الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ” آل عمران: 17. وقال الله تعالى: “وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ” آل عمران: 135.
ومن السنة فعن شدَّاد بن أوسٍ رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال له: “سيِّدُ الاستغفار أن تقُول: اللهمَّ أنت ربي، لا إله إلَّا أنت، خلقتَني وأنا عبدُك، وأنا على عهدِك ووعدك ما استطعتُ، أعُوذُ بك من شرِّ ما صنعتُ، أبُوءُ لك بنعمتك عليَّ وأبُوءُ لك بذنبي، فاغفر لي؛ فإنه لا يغفرُ الذُّنُوب إلَّا أنت”، قال: “ومَن قالها من النَّهار موقِنًا بها، فمات من يومه قبل أن يُمسي، فهو من أهل الجنَّة، ومَن قالها من اللَّيل وهو مُوقنٌ بها، فمات قبل أن يُصبح، فهو من أهل الجنَّة” رواه البخاري. وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنِّي لأستغفرُ اللهَ وأتوبُ إليه في اليوم مائة مرةٍ” رواه ابن ماجه وصححه الألباني.