يعني مصطلح «الارتشاح البلوري» تجمعا للسوائل داخل تجويف الغشاء البلوري.. ويمكن أن يكون الارتشاح هو الاعتلال الرئيسي ولكن في الأغلب يكون هذا الارتشاح عرضا للعديد من الأمراض الأخرى.
المعروف أن الغشاء البلوري هو غشاء مكون من طبقتين، واحدة منهما خارجية تغلف القفص الصدري من الداخل، والأخرى تحيط بالرئتين، ويوجد بين هاتين الطبقتين سائل سمكه أقل من 1 ميليمتر، هو السائل البلوري. وهو الذي يسمح بانزلاق وحركة الطبقتين بسهولة أثناء الشهيق والزفير مما يساعد في عمليه التنفس، ويتم امتصاصه وإعادة تكوينه بشكل مستمر ومتوازن بشكل لا يسمح بتراكمه ويسهل قيامه بوظيفته، ويحتوي هذا السائل على نسبة قليلة من البروتين والأملاح والغلوكوز وبعض الخلايا ونسبة قليلة جدا من كرات الدم الحمراء.
أسباب الارتشاح
هناك العديد من الأسباب لتراكم هذا السائل البلوري بالنسبة للأطفال، تكون العدوى أكثر سبب يؤدي لتراكمه، وفي دراسة كندية تم إجراؤها على 127 طفلا مصابين بارتشاح في التجويف البلوري، تبين أن نحو 50% من هؤلاء الأطفال كانوا مصابين بالتهاب رئوي، ونحو 17% منهم كان السبب اعتلالا في القلب، ونحو 10% من الارتشاح كان جراء أورام خبيثة، ونحو 7% جراء إصابات عنيفة للقفص الصدري والجهاز التنفسي، وفي كثير من الأحيان تكون العدوى فيروسية وتكون من دون أعراض، ويمكن أن تتماثل للشفاء تلقائيا.
وفي المقابل، يعتبر الارتشاح نتيجة للعدوى البكتيرية مثل الالتهاب الرئوي، من المضاعفات الخطيرة التي تلي الالتهاب الرئوي، وكذلك يمكن أن يحدث بوصفه مضاعفات لمرض الدرن، وهناك أيضا بعض الأسباب الأخرى المتعلقة ببعض أجهزة الجسم المختلفة، وقلة نسبة البروتين في الجسم، وأيضا تليف الكبد ونسبة حدوثه جراء الالتهاب الرئوي أكثر في الأولاد عن الفتيات، كما أن نسبة حدوثه في الأطفال الصغار أكثر من نسبة حدوثه في الأطفال الكبار.
الحالة المرضية
تعتمد الحالة المرضية وأعراض الارتشاح البلوري على المرض الأصلي المسبب له، كما تعتمد على حجم الارتشاح، فإذا كان قليلا، فإنه في الأغلب لا تكون هناك أعراض، ولكن إذا كان حجمه كبيرا، فإنه يتعارض مع التنفس بسهولة ويحدث زيادة في سرعة التنفس، وأيضا يؤدي إلى صعوبة في التنفس وإحساس بعدم الارتياح في منطقة الصدر، وهذه الأعراض تتغير بتغيير وضع الجسم. وبالنسبة للأطفال، فإنهم يعانون من الارتشاح جراء الالتهاب الرئوي، ومن ارتفاع مستمر في درجات الحرارة، وسعال، وفقدان للشهية، واعتلال عام، وسرعة وضيق في التنفس.
تشخيص الداء
-يمكن إجراء العديد من الفحوصات لمعرفة سبب الارتشاح البلوري، ولكن أهم هذه الفحوصات هو تحليل السائل الموجود في الغشاء البلوري، ومن خلال خصائص هذا السائل يمكن الحكم عليه في حالة وجود صديد نتيجة للعدوى البكتيرية، أو إفرازات كريهة الرائحة في حالة وجود عدوى نتيجة للبكتيريا اللاهوائية، أو احتوائه على الدم في حالات الإصابات العنيفة، أو وجود أورام خبيثة أو في حالة الدرن الرئوي.
– يمكن أيضا عمل عد كامل لكرات الدم وذلك لمعرفة وجود عدوى في حالة ارتفاع عدد كرات الدم البيضاء.
– ويمكن عمل مزرعة للدم لمعرفة نوعية البكتيريا سواء كانت هوائية أو لا هوائية.
– في حالة احتمالية وجود مرض السل (لتوافر عوامل الخطورة للإصابة به) يمكن عمل تحليل لعينة من البلغم.
– يتم إجراء أشعة «إكس»، التي تعتبر أسهل وأقل تكلفة لتشخيص الارتشاح، كما أنها تشير إلى الالتهاب الرئوي أيضا إذا كان المتسبب في وجود الارتشاح.
– يمكن إجراء أشعة تلفزيونية على السائل البلوري ويعطي فكرة جيدة جدا (في حالة وجود خبرة طبية متميزة، حيث إنه يحتاج إلى مهارة مهنية عالية) عن مكان تجمع السائل البلوري، ويحدد إذا ما كان التجمع الموجود في الغشاء البلوري من السائل أو زيادة كثافة الغشاء البلوري لسبب أو لآخر.
– يمكن أيضا إجراء بذل للسائل البلوري، ويمكن إجراء البذل حينما تكون كمية السائل كافية لإجرائه، ولكن يفضل إجراؤه في الأحيان التي يكون فيها التشخيص غير مؤكد، واحتمالية أن يكون السبب ورما خبيثا كبيرا، أو لدى الأطفال الذين يواجهون صعوبة بالغة في التنفس جراء الارتشاح البلوري.
– يمكن أيضا أخذ عينة من الغشاء البلوري نفسه، ولكن يفضل عدم إجرائه إلا في الحالات التي يكون فيها الارتشاح نتيجة لالتهاب غير محدد أو في حالة الاشتباه في مرض الدرن أو وجود ورم خبيث.
العلاج
من الأهداف الرئيسية في علاج الارتشاح البلوري، علاج المرض الأساسي المسبب لوجوده سواء كان الالتهاب الرئوي أو مرض السل أو أي سبب آخر، كما يهدف أيضا إلى استعادة الرئة لكفاءتها وقيامها بوظائفها.
ويتدرج علاج الارتشاح من مجرد العلاج بالمضادات الحيوية، إلى إجراء بذل، وتركيب أنبوبة صدرية لامتصاص السائل، وأيضا إلى إجراء جراحة في بعض الحالات المعقدة التي يتراكم فيها الصديد في الغشاء البلوري وذلك تبعا للحالة الأصلية، وأيضا حسب التوقيت الذي يذهب فيه الطفل للطبيب، وكلما كان الاكتشاف مبكرا، كانت إجراءات العلاج أيسر وتأتي بنتائج أفضل.
في الحالات التي يكون فيها السبب في الارتشاح هو العدوى مثل الالتهاب الرئوي، يتم اختيار المضاد الحيوي تبعا لنوعية الميكروب، وأيضا مراعاة أن بعض أنواع المضادات الحيوية لديها القدرة أكثر من غيرها على اختراق السائل ومن ثم علاجه بالشكل الكافي، وفى حالة وجود الطفل في المستشفى يتم إعطاء المضادات الحيوية عن طريق الوريد.
يتم تركيب الأنبوبة الصدرية للأطفال الذين يعانون من مشكلات وصعوبة في التنفس في حالة وجود كمية كبيرة من السائل، أو الأطفال الذين يعانون من ارتفاع في درجة الحرارة، أو الأطفال الذين يعانون من وجود كمية كبيرة من الصديد في السائل البلوري عند إجراء البذل.
ق. م