الحملات التحسيسية لم تُنهِ المأساة

الاختناق بالغاز حوادث تتكرر كل فصل شتاء.. مع دخــول موســم البـرد.. تحذيرات من مخــاطر الــقاتل الصامت

الاختناق بالغاز حوادث تتكرر كل فصل شتاء.. مع دخــول موســم البـرد.. تحذيرات من مخــاطر الــقاتل الصامت

تطلق، الاثنين، المديرية العامة للحماية المدنية حملة للتقليل من مخاطر الاختناقات بالغاز، وتأتي هذه الحملة بهدف اتخاذ جملة من الإجراءات التي من شأنها – على الأقل – التقليل من حوادث الاختناق بالغاز، خاصة وأن الحصيلة كانت مرتفعة السنة الماضية، حيث أن 201 جزائري توفوا اختناقا بالغاز، فيما سجلت المصالح ذاتها إسعاف 687 شخصا اختنقوا بغاز أحادي أكسيد الكربون، وذلك من أصل 4350 تدخلا للمصالح ذاتها عبر كامل التراب الوطني، حسب ما أفاد به نايت براهم، الملازم الأول في المديرية العامة للحماية المدنية.

وأوضح الملازم الأول نايت براهم أنّ انعدام التهوية يظل السبب الرئيسي لهذه الوفيات الممكن تفاديها لو أن الإجراءات الوقائية تم احترامها بشكل فعلي.

الباعة.. ليسوا المتهم الوحيد

لتسليط الضوء على ظاهرة الاختناقات التي تتكرر كلما حل موسم البرد، قامت _الموعد اليومي_ بهذا الاستطلاع ونقلت آراءً عبرت في مجملها عن مخاوفها رغم توخيها الحيطة والحذر ….تقول _ليلى_ ربة بيت وأم لطفلين لـ _الموعد اليومي_: _حدث أن اقتنيت من أحد محلات بيع الأجهزة الكهرو منزلية، مدفأة تشتغل بالغاز الطبيعي، انبهرت بجمال شكلها، الذي يشبه لوحة فنية …. ما جعلني أحسم الأمر وأحملها على شاحنة صغيرة في لمح البصر.. أتذكر يومها أن صاحب المحل عرض علي جهازين، ونصحني باقتناء الأغلى ثمنا لكنني رفضت وفضلت الأرخص، بعد أن لاحظت الإقبال الكبير عليه، لأكتشف في نهاية المطاف أنه من النوعية الرديئة، التي اكتسحت وللأسف أسواقنا لأنها ببساطة لا تتوفر على أدنى المواصفات العالمية”.

واستطردت _ليلى_ حديثها قائلة: _أتمنى أن يتحلى أصحاب محلات بيع وسائل التدفئة بقدر من الأخلاق الحميدة مثلما هو الشأن مع صاحب المحل الذي اشتريت من عنده المدفأة، حيث أفادني بنصائح هامة وإرشادات قيمة، مكنتني من تجنب مأساة وشيكة الحدوث …_

أعين الرقابة.. حامي المواطنين

وتضيف _ليلى_ يزداد الأمر خطورة حسب قولها إذا ما علمنا أن البعض منهم همهم الوحيد تسويق بضاعتهم من أجل تحقيق الأرباح، ولا يهمهم أبدا ما قد يحدث جراء استخدام النوعية الرديئة وما تخلفه من كوارث تتسبب عادة في حصد الكثير من الأرواح البشرية، أما سامية معلمة في الابتدائي، فقد خالفتها الرأي قائلة: _إن مثل هذه الحوادث المميتة التي تتكرر سنويا لا يجب أن نرجعها إلى ضمائر الباعة فقط وإنما إلى مصالح الرقابة التي تقع على عاتقها مسؤولية قمع الغش، بمراقبة المنتوجات سواء المستوردة من الخارج أو المصنعة محليا بطرق غير قانونية، بعيدا عن أعين الرقابة”.

وأضافت سامية قائلة: _على الزبائن اتخاذ الاحتياطات اللازمة باقتناء مدافئ ذات النوعية الجيدة، ويأتي بعد ذلك دور الصيانة المنتظمة قبل استخدامها مع حلول فصل الشتاء، وهنا يستدعي الأمر الاستعانة بتقني متخصص في هذا المجال لتنظيفها وفحصها بهدف التأكد من خلوها من العيوب، مع ضرورة إنجاز منافذ تهوية لتصريف الغاز المحترق من المدفأة_. وأكدت سامية في نفس الوقت على ضرورة اتباع النصائح والإرشادات التي يقدمها أعوان الحماية المدنية عبر شاشة التلفزيون في حالة حدوث اختناقات.

 

الإهمال فاقم الوضع

كثيرا ما تحدث الاختناقات بسبب إهمال يصدر عن أحد أفراد العائلة، وخير دليل ما قصه علينا عبد الكريم بشأن حادثة وقعت لأحد جيرانه في باب الوادي منذ ست سنوات في فصل الشتاء، والتي أودت بحياة ستة أفراد من عائلة واحدة، الذين ناموا دون أن يتفطنوا لفتح منفذ التهوية، فحدثت الكارثة.

وفي هذا السياق، دعا المتحدث إلى ضرورة التقيد بالنصائح التي تطلقها مديرية توزيع الكهرباء والغاز بفتح منافذ لتهوية المنزل بهواء نقي، وأنه بقي يتذكر تلك الحادثة المأساوية التي ألمت بجيرانه، وأصبح لا يغفل أبدا عن تفقد جميع الأجهزة التي تعمل بالغاز الطبيعي قبل خلوده إلى النوم.

ويرى عبد الكريم أن الحل الأمثل للتخفيف من هذه الكوارث يتمثل في تكثيف الحملات التحسيسية عبر وسائل الإعلام خاصة الإذاعة والتلفزيون، كون وقعهما يكون أكثر تأثيرا، بحكم أن تكرار العملية التوعوية يساهم في ترسيخ هذه النصائح في الأذهان، دون أن نغفل دور جمعيات الأحياء التي يجب ألا يقتصر دورها على النظافة فقط.

الرصّاص المحترف.. المنقذ من الخطر

أثار أحد الرصاصين مشكلا لا يقل خطورة عما ذكرناه سابقا، ويتعلق الأمر باختيار رصاص ذي كفاءة، معروف بإتقان مهنته وفي هذا الصدد حذر _مرزاق .م_، يمارس مهنة الترصيص يقول: _أصبح في زماننا هذا من دب وهب يدّعي بأنه رصاص إلا أن الحقيقة عكس ذلك تماما، فقد تجده غير ملم بأبجديات هذه المهنة، فيتجرأ ويركب تجهيزات التدفئة بطريقة خاطئة كثيرا ما تؤدي إلى تسربات، تتجلى عادة في حالات الوفيات الناجمة عن استنشاق غاز ثاني أكسيد الكربون، تطلعنا عليها الصحف طيلة فصل الشتاء وهو موسم يميزه البرد القارس، فيزداد الإقبال فيه على أجهزة التدفئة”.

وألحّ مرزاق في سياق حديثه على ضرورة مراعاة هذا الجانب باختيار رصاص مشهود له بإتقان العمل والإخلاص في أدائه، ليتم تركيب المدفأة بطريقة آمنة، تراعى فيها جميع شروط الأمن والسلامة .

ل. ب