الاحتيال ببطاقة الشفاء.. كابوس يؤرق مسؤولي وكالات “كناس” 

elmaouid

يمر صندوق التأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء بأعسر سنواته منذ تأسيسه سنة 1975 جراء تراجع اشتراكات العمال وارتفاع التعويضات التي يشوبها الكثير من الشكوك في صحتها.

ضاعفت عملية إطلاق “بطاقة الشفاء” سنة 2015، التي تسمح للعمال الأجراء وغير الأجراء، كالحرفيين وأصحاب المهن الحرة والأطباء والمحامين، أن يقتنوا الأدوية مجاناً، أو بدفع 20 بالمائة من الوصفة الطبية عند استلام الأدوية في الصيدليات، على أن يتكفل الصندوق بتعويض الصيدليات مباشرة، من متاعب صندوق التأمينات الاجتماعية وذلك بعدما فتحت أبواب الاحتيال، وبات الكثير يستعمل البطاقة لاقتناء الأدوية مجاناً فقط بتغيير اسم الوصفة الطبية.

بالمناسبة، كشف مدير وكالة الجزائر العاصمة للتأمينات الاجتماعية، بوعلام دحماني، أن “الوكالة سجلت خسائر كبيرة، بسبب الاستعمال غير الشرعي لبطاقة الشفاء، والاستعمال المفرط للبطاقة بلغت ما يقرب من 70 مليون دينار”.

وأوضح أن “مظاهر الاستعمال غير الشرعي لبطاقة الشفاء تتعدد، منها من يجلب أدوية عادية لأهله أو جيرانه في أوقات متباعدة وهي حالات يصعب التأكد منها، لكن الأخطر هو استعمال البطاقة لاستخراج أدوية ليعاد بيعها بطرق غير شرعية كما يحدث مع أدوية الأعصاب”.

وحسب دحماني، فإنّ “أكثر الأدوية اقتناء ببطاقة الشفاء هو دواء “ليريكا” الذي يصنف من الحبوب المهلوسة ويطلق عليه اسم “الصاروخ” في الشارع الجزائري نظراً لسرعة تأثيره على العقل، ويمكن لأي جزائري مريض أن يجده بـ 3500 دينار للعلبة حجم 150 ملغ 45 حبة، ويدفع 20 بالمائة من ثمنها حسب الاشتراك، ليعيد بيعها بحوالي 500 دينار للحبة الواحدة في الشارع، وبعملية حسابية بسيطة يمكن حساب ما يتم ربحه”.

وتحاول وكالات التأمينات الاجتماعية استرجاع ما خسرته جراء الاستعمال غير الشرعي لبطاقة الشفاء عن طريق القضاء، حيث تمكنت من تحصيل 45 بالمائة من قيمة الخسارة وتوقيف 4000 بطاقة شفاء وإحالة أصحابها على العدالة بتهمة النصب والاحتيال.

من جهته، كشف موقع “العربي الجديد”، أن “الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية كان قد وضع 90 ألف بطاقة شفاء في القائمة السوداء وحوّل ملفات أصحابها إلى القضاء، بهدف كبح نزيف الأموال والأدوية المهلوسة إلى الشارع”.

ولا تعد عمليات الاحتيال باستعمال بطاقة الشفاء وحدها ما يؤرق مسيري صندوق الضمان الاجتماعي، بل تعدتها لتشمل العطل المرضية المفتعلة التي تشكل أكثر من ثلث العطل المرضية المصرح بها، ما كلف خزينة الصندوق تعويضات هائلة.

وحسب المسؤول المركزي في الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية، معمر حميدو، فقد “سجلت الجزائر السنة الماضية قرابة 1.4 مليون يوم كعطل مرضية، أي ما يقارب 2770 سنة عمل، وبلغت فاتورة تعويضها 13 مليون دولار”.

وأضاف حميدو أن “قرابة 40 بالمائة من العطل المرضية المصرح بها هي للمجاملة، أي أن المُؤمّن لم يكن مريضاً ويتم تعويض أجر يوم عمله بنسبة 80 بالمائة أي بخصم علاوة الطعام والنقل وغيرها”.

يذكر أن الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية يؤمّن قرابة 39 مليون مواطن، إذ يحق وفق القانون أن يؤمّن الزوج العامل أبناءه حتى سن 18 سنة وزوجته الماكثة في البيت في بطاقة شفاء واحدة، يستعملها بسقف تعويض لا يتعدى 3000 دينار شهريا إلا إذا كان يعاني من مرض مزمن أو أحد أفراد عائلته، فيحق له أخذ الدواء مجاناً من الصيدليات حتى وفاة صاحب البطاقة التي يمكن استعمالها في حالة تقاعد العامل.

رفيق.أ