كرم الله تعالى الإنسان بتسخير الكون له، وتسخير ما فيها لمنفعته وتمكينه من دوره الذي خلقه من أجله، حيث سخر له ما هو أكبر منه خلقاً كالسماوات والأرضين، وأعظم منه جسماً كالأنعام، وغير هذا كثير ومختلف. وإن كل ما أوجد في هذا العالم فإنما أوجده لأجل الإنسان. كما قال تعالى ” اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ” إبراهيم 32.
يقول ابن كثير: يعدد تعالى نعمه على خلقه بأن خلق لهم السموات سقفاً محفوظاً والأرض فرشاً ” وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى” طه 53، ما بين ثمار وزروع مختلفة الألوان والأشكال والطعوم والروائح والمنافع وسخر الفلك بأن جعلها طافية على تيار ماء البحر تجري عليه بأمر الله تعالى وسخر البحر لحملها ليقطع المسافرون بها من إقليم إلى إقليم آخر وسخر الأنهار تشق الأرض من قطر إلى قطر رزقاً للعباد من شرب وسقي وغير ذلك من أنواع المنافع.
وقال تعالى: ” وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” الجاثية 13. يقول الطبري في تفسير هذه الآية: ” وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ ” من شمس وقمر ونجوم ” وَمَا فِي الْأَرْضِ ” من دابة وشجر وجبل وجماد وسفن لمنافعكم ومصالحكم ” جَمِيعًا مِنْهُ “: جميع ما ذكرت لكم أيها الناس من هذه النعم نعم عليكم من الله أنعم بها عليكم وفضل منه تفضل به عليكم وجميعها منه ومن نعمه فلا تجعلوا له في شرككم له شريكا بل أفردوه بالشكر والعبادة وأخلصوا له الألوهة فإنه لا إله لكم سواه.
كما يذكر القرآن الكريم في كثير من الآيات السمع والبصر أو الآذان والعيون ويبين أن الإنسان بهاتين الجارحتين يتوصل إلى الاعتبار بما في الكون من علامات ودلائل على وحدانية الله تعالى، كما جعل الله تعالى السمع والبصر والفؤاد سبباً مؤدياً إلى شكر الله تعالى يقول الله تعالى: ” وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ” النحل 78.