الإعلامي والشاعر عبد العالي مزغيش لـ “الموعد اليومي”: لست ضد الوزير ميهوبي وإنما أنا ضد سياسته.. جمعيتنا ترفض الانسياق وراء التطبيل لسياسة ثقافية عرجاء

elmaouid

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن توتر علاقة وزير الثقافة عز الدين ميهوبي برئيس جمعية “الكلمة للثقافة والإعلام” الشاعر والإعلامي عبد العالي مزغيش، بسبب تصريحاته النارية ضد السياسة المنتهجة من طرف

وزارة الثقافة، وتبديد المال العام في مشاريع دون مصداقية، إلى جانب تهميش المثقفين الحقيقيين وعدم منحهم المشاريع وعدم دعم مبادراتهم الثقافية.

وفي حوار صريح، تطرق الشاعر ورئيس جمعية “الكلمة للاعلام والثقافة” عبد العالي مزغيش إلى العديد من الجوانب.

 

* ما المشكل بينك وبين وزير الثقافة السيد عز الدين ميهوبي، الحدث الذي صنع الجدل على الساحة الثقافية في الفترة الأخيرة؟

** لا مشكلة لي مع وزير الثقافة على الصعيد الشخصي ولم تربطني به مشاريع مشتركة أو غيرها، وكل القصة أنني أمارس مهمتي ومهنتي كصحفي في نقد الوضع الثقافي الذي آل إلى حالة متردية تكاد تشبه الخراب حين تحولت الثقافة في بلدنا إلى سبيل سهل وطريق مختصر نحو اغتناء الكثير ممن نسميهم اليوم “الأثرياء الجدد” على حساب الخزينة العمومية. ليس لي مشكلة مع الوزير سوى ما أحمله كشاعر محسوب على الوسط الثقافي لم أتحمل أن أرى ممارسات لا تليق بثقافة وطني ولا تليق بتضحيات المثقفين والفنانين، فكتبت وتحدثت وصرخت: لاااااا في وجه تبذير المال العام وضد الفساد في القطاع ولست معنيا بأحاديث الآخرين التي تريد لنضالي رفقة مثقفين وفنانين لتغيير الوضع الثقافي أن يكون شخصيا. بينما كل ما نطرحه موضوعي ومهم وخطير يتطلب إيجاد علاج للوضعية التي يشهدها القطاع. أنا لست وحدي وطرح القضية على أنها جدل ثنائي اختزال لها، فالقضية تتعلق بنداء وصرخة عدد كبير من مثقفينا وفنانينا المحترمين.

 

* وهل هناك رد إيجابي على نداءاتكم؟

** مجرد كلام سياسي منمق ومجرد اتهامات موجهة لحراكنا، منها أننا أعداء النجاح وأن مشكلتنا شخصية، بينما المفترض أن يكون تحرك فعلي للرد على انشغالاتنا العاجلة. وعدم التعامل بجدية مع تحركنا هذا يؤدي لا محالة إلى مزيد من التذمر والغضب والاستمرار، ولا شك في هذا ما دام الوضع يسير نحو الهاوية والأبواب موصدة أمام مطالبنا التي نتشبث بها، وهي تتعلق بسياسة ثقافية تحترمنا كمثقفين وتكون واجهة محترمة لبلدنا.

 

سياسة ثقافية لها أفق رحب كما لها قاعدة صلبة…

* هل ما يحدث في الساحة الثقافية اليوم من فوضى وتناقضات يؤثر على الحركية الثقافية وانجازات المبدعين، خاصة وأن أغلب المبدعين الحقيقيين والمحترفين همشوا؟

** الوضع الحالي هو حالة انسداد والدليل أن الأغلبية تتذمر بشتى أشكال التعبير،

وإذا لم نتحرك اليوم فمتى نتحرك؟ علينا التضحية من أجل مستقبل الأجيال المقبلة. شخصيا أمارس الكتابة ولن يمنعني منها النضال الثقافي، كما أنها لن تمنعني منه، والأمانة عزيزة والواجب كبير يجب تأديته تجاه المبدعين والأدباء والفنانين الكبار الذين ناضلوا سابقا وتجاه الشباب من الجيل القادم… وقبل هؤلاء هناك وطننا الذي ينتظر منا أن نثور ثورة ثقافية تخلص الشعب من هذا الفراغ… الفراغ يملؤه أعداء الوطن بما يهدد هويتنا وقيمنا ووحدتنا… لذا لابد من اقتراح البدائل لهذا الخراب.

 

* هناك من يرى تحرككم في الوقت الراهن استغلال للظرف السياسي المتعفن وترقب تغيير حكومي في الأفق، ما تعقيبكم؟

** لو كنا ننتظر تغييرا حكوميا ما فعلنا شيئا… ففي كل شهر نسمع عن التغيير الحكومي بل نقرأ أسماء وزراء الحكومة المحتملة في الفايسبوك… طبعا هذا مجرد تنجيم إلكتروني لا نعول عليه. كما أن حراكنا لا علاقة له برحيل وزير أو بقاء وزير بل هو متعلق بسياسة ثقافية وممارسات إدارية يجب أن تتغير.

 

* ولماذا جمعيتكم في كل مرة تُستهدف من طرف عدة جهات؟

** نحن جمعية مستقلة ونرفض الانسياق وراء التطبيل لسياسة ثقافية عرجاء فاقدة للمصداقية بين المثقفين. إن جمعية “الكلمة” نموذج للنضال الثقافي والمقاومة، فرغم حرمانها من الدعم الذي هو من حقها لم تتراجع وتستكين وتصمت، بل هي تنشط

وتتحدى الظروف المادية الصعبة بفضل حيوية وإصرار شبابها وشاباتها، لهذا هناك من يحاول التشويش على نشاطاتها بمحاولة النيل منها بسبب مواقف رئيسها وتصريحاته وانخراطه في النضال الثقافي واحتضان مقرها للمبادرات الهادفة لتغيير الوضع الثقافي المتردي. لقد دخلنا أروقة المحكمة الإدارية وربحنا قضيتنا لأنها عادلة بعد أن رفع ضدنا خفافيش الظلام دعوى قضائية مبيتة وبعدها استمرت الجمعية في النشاط واستمر رئيسها في النضال وقول الحقيقة، فتم الانتقام مرة أخرى برفع الدعوى القضائية بالاستئناف في مجلس الدولة ولكن عدالة قضيتنا و إصرارنا على أننا جمعية ثقافية لا أكثر ولا أقل جعل الحكم القضائي النهائي ينصفنا.

 

* ما سبب كل هذه المناورات؟

** تقول الجهة التي رفعت دعوى ضدنا إننا وزعنا كتابا يحرض على النظام العام. الكتاب عنوانه “فايسبوكيات” لمؤلفه عياش يحياوي ونحن لسنا سذجا ولا أغبياء لنناطح النظام أو نحرض ضده لأننا جمعية لا تمارس السياسة أصلا ولسنا لنصدق أن الولاية هي من رفعت ضدنا القضية، ولقد تراجع عياش يحياوي عن تمويل جائزة شعرية تنظمها جمعيتنا وتحمل اسمه الطفولي “لقبش” مباشرة بعد صعود ابن دشرته وزيرا للقطاع. ومع ذلك لست هنا لأسرد أحداثا صعبة عشناها بسبب التواطؤ ضدنا و محاصرتنا بقدر ما أذكر بها لأقول إن التاريخ يسجل أننا أول جمعية ثقافية يمارس ضدها الوزير الحالي كل أساليب التضييق والحصار والانتقام لا لشيء إلا لأنني كرئيس لها قلت “لا” في وجه ممارساته الإقصائية وسياسته الثقافية التي تحتاج إلى مراجعة عميقة.

 

* ورغم كل الصعاب تواصلون تقديم النشاطات الأدبية؟

** هذا واجبنا لا غير.

 

* وماذا عن البرنامج الذي سطرتموه للموسم الجديد 2018 – 2019؟

** للأسف نحن بالكاد نتمكن من تسطير برنامج 15 يوما القادمة… المؤكد أننا دوما نراعي النشاط المفيد الذي يعير أهمية لثقافتنا الوطنية بأبعادها المتنوعة. وأصدقك قولا إن نشاطات الجمعية تعتمد دوما على التفاف المثقفين عليها لأنها تعبر عن نشاط وحيوية شباب لا يتجاوز معدل أعمارهم 28 سنة ولا أحد ينكر أنها استقطبت كبار المثقفين من مختلف مجالات الابداع الثقافي ورافقت كبرى الأحداث الثقافية وما زالت تفعل ذلك ما دامت الإرادة موجودة والتضحية متوفرة.

 

* ما هو الحدث الثقافي الذي قدمته الجمعية خدمة للثقافة؟

** كل ما نقدمه حتى وإن كان بسيطا يدخل ضمن مشروعنا الثقافي، ولكن مجرد بقاء جمعيتنا تقاوم ببقائها ناشطة ونشيطة في الساحة هو حدث مهم ومتواصل لدينا.