-
رحلتي إلى لندن في زمن الكورونا اعتبرها مغامرة
-
أحاول كتابة يومياتي في الحجر الصحي خاصة من الناحية النفسية
الإعلامية النشيطة بالإذاعة الثقافية ضاوية خليفة، بدأت مهمتها بإذاعة البهجة بتقديم العديد من البرامج المتنوعة، لتنتقل بعدها إلى الإذاعة الثقافية، أين لها عدة محطات بارزة في تقديم البرامج الثقافية.
سافرت مؤخرا إلى لندن في زيارة عائلية حينها كانت كل الظروف على أحسن ما يرام بلندن، لتتفاجأ بسرعة البرق بتفشي وباء كورونا وإلغاء الرحلات الجوية بما فيها رحلتها التي كانت مقررة في 2020/03/20، ومن هنا بدأت رحلتها في البحث عن منفذ للعودة إلى أرض الوطن.
فعن هذه الرحلة التي قادتها إلى لندن وظروف عودتها إلى أرض الوطن ويومياتها في الحجر الصحي، وتكفل الطاقم الطبي بها وبمن كانوا معها وأمور ذات صلة، خصت الإعلامية ضاوية خليفة “الموعد اليومي” بهذا الحوار.
زيارتك الأخيرة للندن كانت مهنية أم عائلية؟
كانت زيارة عائلية.
حدثينا عن الظروف التي عشتيها في لندن في تلك الفترة، أين عرف وباء كورونا انتشارا سريعا؟
لما وصلت إلى مطار هيثرو بلندن، كل الأمور كانت عادية، شعرت أن هذا البلد لا يعرف الوباء وغير منتشر فيه، حتى لما ذهبت من المطار إلى برمنغهام الأمور كانت عادية، قضيت أربعة أو خمسة أيام في مدينة برمنغهام أتجول وأتسوق، يعني الحياة عادية جدا، كل المحلات مفتوحة والمقاهي أيضا، شعرت حينها أن هذا الوباء مجرد فرقعة إعلامية إن صح القول، بعدها وبمجرد أن وصلني إشعار من الخطوط الجوية الجزائرية بإلغاء الرحلة بدأت الأمور تتعقد، وبين عشية وضحاها تم تعليق الدراسة في إنجلترا وبدأت الإجراءات الاستعجالية وكل شيء تغير في المملكة المتحدة.
كيف تعاملت السلطات الجزائرية معكم من أجل إعادتكم إلى أرض الوطن؟
طبعا بمجرد أن أُلغيت رحلتي التي كانت مبرمجة في 20 مارس 2020 تواصلت مع الخطوط الجوية الجزائرية، لكن المجمع الهاتفي كان عليه ضغط كبير وأنا كنت بعيدة عن لندن، لا أستطيع التنقل من برمنغهام إلى لندن، حتى بعض الرحلات بدأت تتقلص وتم إلغاء بعض الرحلات، كما أن المسافة بين لندن وبرمنغهام بعيدة نوعا ما.
بعدها أنزلت منشورا على الفايسبوك طلبت فيه مساعدة من الأصدقاء، فتم توجيهي إلى أحد المسؤولين بقنصلية الجزائر بلندن، وفي الحقيقة تكفلوا بي أحسن تكفل حتى أنه كان هناك تواصل بيني وبين مصالح قنصلية الجزائر بباريس لأنه كانت هناك إمكانية دخول الجزائر من باريس، لكن في الأخير عدت إلى أرض الوطن من لندن. في الحقيقة شعرت أنه يجب أن نسابق الزمن لأن الأمور بدأت تتأزم وتتعقد بين ليلة وأخرى، ولهذا كنت دائمة التواصل مع قنصليتي الجزائر بلندن وبباريس، والحمد لله مصالح قنصلية الجزائر بلندن قامت بواجبها، تواصلت معنا وأرسلت لنا تصريحا شرفيا وقّعنا عليه نلتزم فيه بالحجر الصحي عند عودتنا للجزائر، كما أشرفت شخصيا على ترحيلنا وهي مشكورة على المجهودات التي بذلتها معنا. لما وصلنا إلى مطار هيثرو وصعدنا الطائرة وجدنا طاقم الخطوط الجوية الجزائرية يرتدي لباسا وقائيا يغطي كل جسده، وبمجرد أن جلسنا في مقاعدنا تم تسليمنا أقنعة من نوعية رفيعة، ولما وصلنا إلى أرضية مطار السانية بوهران، نزلنا عشرة بعشرة والمضيفون كانوا مجندين لهذه المهمة لكي لا تكون هناك فوضى، وبالفعل وبمجرد نزولنا سلالم الطائرة تم قياس درجات حرارة كل واحد منا، بعدها سلمنا جوازات سفرنا لمصالح الأمن ثم توجهنا مباشرة إلى الحافلات التي تنقلنا بواسطتها من وهران إلى مستغانم وقد تم أيضا تعقيم أمتعتنا وحقائبنا، وبعدها توجهنا إلى مدينة مستغانم، أين تم توزيعنا على ثلاث مؤسسات فندقية (فندق الزهور وأزاد وقصر المنصور) وأنا متواجدة مع 80 أو 85 مسافرا بفندق قصر المنصور، والحمد لله من وهران إلى مستغانم كنا مرفقين بحراسة أمنية حتى ونحن بالفندق فعناصر الدرك الوطني متواجدة داخل وخارج الفندق لضمان أمننا وسلامتنا ومنع أي محاولة فرار.
كيف كانت حالة عائلتك حينها وكيف تعاملت مع الوضع؟
في البداية لم أرد إخبار أهلي بالحجر الصحي، كنت أمشي خطوة بخطوة وأعطيها كل التفاصيل وكنت أحاول أن أطمئنها عليّ، وحتى وصولي إلى مطار السانية بوهران أخبرتهم عن الحجر الصحي، الحمد لله تفهموا هذا الأمر، كنت جد متخوفة منه، خاصة وأنني غبت عن عائلتي تقريبا 10 أيام وبعدها مباشرة سأدخل الحجر الصحي ولا أعرف كيف يتصور الآخر الحجر الصحي، لكن الحمد لله عائلتي كانت متفهمة وقالت المهم أن أكون بخير وأرجع إليهم بخير، الحمد لله وأنا في تواصل يومي معهم وحتى مع بعض الأصدقاء يوميا يسألون عني، فشكرا لهم وبارك الله فيهم على وقفتهم.
كيف هي يومياتك في الحجر الصحي؟
أحاول كسر الروتين عن طريق قراءة بعض الكتب وإن كان التركيز في المطالعة أمرا صعبا نوعا ما، لأن التفكير دائما في الخطوات المقبلة، خاصة وأن هذا الفيروس يمكن أن ينتقل إليك وأنت لست طرفا في هذه المعادلة، يعني تبقى حريصا على كل تصرفاتك وخطواتك، كذلك وقتي أقضيه في مشاهدة بعض البرامج التلفزيونية والمسلسلات وغيرها، وأحاول كتابة هذه التجربة عن الحجر الصحي خاصة من الناحية النفسية.
أحاول أيضا أن أكتب رحلتي الأخيرة، لأن هذه الرحلة لا تشبه غيرها من الرحلات، أنا زرت عدة دول، لكن هذه الرحلة اعتبرها مغامرة لأنني سافرت في هذه الظروف والمرحلة الحساسة، أنا قمت بشيء أتحمل تبعاته ونتائجه، أحيانا أحاول أن أبتكر طريقة تصوير في الغرفة التي أداوم فيها الحجر الصحي لأنه لا يوجد فضاءات كثيرة ولكن أحاول التصوير لبعض القنوات التلفزيونية يومياتي وهذا بهاتفي النقال، وهذه تجربة جديدة بالنسبة لي في مجال صحافة الموبايل كنت أبحث عنها والآن الحمد لله وفرتها لي هذه الأزمة إن صح القول.
هل تتواصلين مع العالم الخارجي؟
أنا أتواصل مع الجميع عن طريق الفايبر والواتساب والفايسبوك، وأحرص على أن أطمئن الجميع فردا فردا لأنني أعرف اهتمامهم بي والكثير من الناس يحبونني الحمد لله وحتى أنا قلبي يسع الجميع، لكن اهتمامهم بي وخوفهم علي وسؤالهم عني يوميا، والله لما كنت في برمنغهام لما أقرأ رسائلهم وتعليقاتهم كنت أبكي لأني عشت ضغوطات رهيبة وكنت أبحث عن كيفية العودة إلى الجزائر حتى ولو كان ذلك مع شركة أخرى أجنبية، المهم أن أرجع للجزائر لأن الأمور بدأت تتعقد، ووقوفهم معي وكلماتهم كانت تؤثر علي وهذا أعتبره جميلا سيبقى دينا عليّ إلى يوم الدين.
كيف هي ظروفك الصحية الآن؟
ظروفي الصحية الحمد لله، يوميا يزورنا طبيب بالغرفة يقيس درجة حرارتنا ويسألنا إن كنا مصابين بمرض مزمن، إذا كان عندنا صداع، أنا مثلا كان عندي صداع رهيب في الأيام الأولى التي جئت فيها الى هذا الفندق، فطلبوا مني النزول إلى القاعة المخصصة للفريق الطبي، تكلم معي الطبيب وأعطاني الدواء والحمد لله وبعدها بيوم اتصل بي ليسأل عني وعن صحتي، كل الخدمات تأتينا للغرف وبالمناسبة نشكر عمال فندق قصر المنصور على رحابة صدرهم واهتمامهم بنا، وأحسست انني هنا مع عائلتي، والحمد لله صحيا أنا في ظروف جيدة. ربما الأيام الأخيرة التي نعيشها في الحجر الصحي هي أصعب، أنا الحمد لله انسانة مؤمنة وصبورة، لكن بعض الأخبار التي تاتيك من هنا وهناك أن هناك شخص تم نقله لأنه مشكوك في إصابته، أو حالة وفاة بسبب الكورونا سواء هنا أو في غيرها من الفنادق والذين جاءوا معنا، هذه الأخبار تجعلك تعيش على أعصابك وتمر بمرحلة نفسية معقدة نوعا ما، لأنه في الأيام الأولى كانت فرصة اكتشاف لهذه المرحلة الجديدة، منا من يكتب ومنا من يرتاح إلى غير ذلك، لكن الجانب النفسي سيكون حاضرا بقوة في هذه الأيام الأخيرة، خاصة لما بدأنا نسمع أخبارا من هنا وهناك عن تسجيل اصابات ووفيات بفيروس كورونا، حتى لما أطل من شرفة الغرفة التي أقيم بها بالفندق فأجد سيارة الإسعاف، فإنني أخاف خوفا شديدا، خاصة وأن شرفة غرفتي بالفندق مطلة على البحر وأرى فقط عناصر الدرك الوطني ،ولما أشاهدهم يدخلون للاستقبال أو يتحدثون مع الناس، أكيد ينتابني الخوف وأبدأ أتوقع أشياء غير حميدة حدثت وأتحسس من الوضع أكثر وأعيش على أعصابي.
حاورتها: حورية/ ق