الفلسطينيون يستجيبون لدعوات الإضراب

الإضرابات.. عودة سلاح شعبي ضد الاحتلال

الإضرابات.. عودة سلاح شعبي ضد الاحتلال

شكلت ظاهرة الإضرابات بأشكالها المتنوعة، أحد أدوات النضال الشعبي الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني على مر تاريخ القضية الفلسطينية التي تمر حاليا بأصعب مراحلها.

وبرز استخدام هذه الأداة النضالية بقوة في مختلف مراحل العمل النضالي الفلسطيني؛ فكان الإضراب الكبير في 1936 احتجاجا على سياسات الانتداب البريطاني الذي عمل على تلبية مصالح اليهود وتسهيل سيطرتهم على الأرض الفلسطينية، ومن ثم زاد استخدامه في الانتفاضة الأولى والثانية.

وبحسب متابعة “صفا”،الاربعاء عادت الإضرابات  بقوة في الأرضي الفلسطينية في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس المحتلتين؛ فمن ارتفاع عمليات اغتيال الشبان الفلسطينيين وحملات الاعتقال والمداهمة، إلى الاجتياحات المتواصلة للمدن والقرى وغيرها من انتهاكات الاحتلال المتزايدة دون توقف.

 

وشهدت المدن الفلسطينية الثلاثاء، إضرابا شاملا تنديدا بجرائم الاحتلال وقتله 6 شبان 5 منهم في نابلس الليلة قبل الماضية.

واللافت في هذه المرحلة، هو الاستجابة الشعبية للدعوات للإضراب وخاصة تلك التي تصدر من الفصائل الفلسطينية النشطة على الأرض في مقاومة الاحتلال وبالذات مجموعة “عرين الأسود” التي تواصل العمل ضد جيش الاحتلال من قلب مدينة نابلس المحاصرة لليوم السادس عشر على التوالي.

وعن عودة الإضرابات والاستجابة الشعبية الكبيرة لدعوات الإضراب، أوضح الباحث المختص والخبير بالشأن الإسرائيلي، عماد أبو عواد، والمقيم بالضفة الغربية المحتلة، أن “الشارع الفلسطيني الذي خاض الانتفاضة الأولى والثانية في ظروف اقتصادية أفضل من اليوم، بحاجة إلى قيادة يثق بها تقوده لبر الأمان، وعندما وجدت هذه القيادة أو على الأقل بداية ترتيب للصفوف، وحالة عابرة للتنظيمات، هدفها فقط مواجهة الاحتلال، ومع شعوره بالأزمة الداخلية الفلسطينية التي يمكن أن تؤدي إلى اصطدام داخلي، بات يرى أن هذه الحالة من الممكن أن تكون منقذة له، لذا يستجيب بشكل كبير”.

وأضاف في حديثه لـ”صفا”: “الاستجابة غالبا ما كانت عفوية، لم تكن هذه الاستجابة عن طريق الضغط بل على العكس تمام، بل لاحظنا أن الغالبية العظمى قامت بواجبها تجاه الإضراب بشكل طوعي وربما بشكل رأت فيه أنه أقل القليل الذي يقدم في هذه المرحلة”.

وذكر أبو عواد، أن “هذا جزء من التعبير ليس فقط عن التضامن وإنما أيضا الشعور بالألم، لأن شريحة من الشارع الفلسطيني يعيش حالة من الغربة والاغتراب عن الواقع على الأرض، بالتالي، وجود هذه الظاهرة وتمددها واتساعها يعبر عن أن هذا الألم هو ألم جمعي، وأيضا يزيد من حالة الوعي لدى الشارع الفلسطيني”.

وأكد المختص، أن “هناك حراك جمعي جماهيري موسع باتجاه تصويب الوضع الداخلي الفلسطيني، علما بأن الأهم، أن الشارع على دائما مستعد، فقط ينتظر من يقوده، بشرط ان يكون قائد يوثق به”.

 

من جانبه، أوضح رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية التابع لجامعة القدس، أحمد عوض، أن “الإضراب هو أحد الوسائل الشعبية الهامة في مقاومة الاحتلال، من أجل إظهار الموقف وتوحيد الشعب حول موقف ما، وحتى توحيد الأمة”.

وأفاد عوض، أنه “تعدد استعمال الإضراب لدى الشعب الفلسطيني؛ فهناك الإضراب الشامل، الإضراب الجزئي، الإضراب التجاري، الإضراب المناطقي والفردي إلى الإضرابات المهنية داخل السلطة، وإضراب الأسرى”، مضيفا: “الفلسطينيون لم يتوقفوا عن استعمال الإضراب كوسيلة من وسائل علاج موقف ما و التعبير عن الرفض والاحتجاج وأيضا توحيد المواقف”.

ورأى أن “الإعلان عن إضراب ما، يحدد من يقود الناس، لذلك الإضراب مهم للتأكيد أن الشعب يلتف حول قضية ما، رفضا أو مقاومة للاحتلال ومن أجل تركيز الجهود كي الإضراب رافعة من روافع النضال الفلسطيني ضد المحتل”.

وذكر رئيس مركز القدس، أن “الإضرابات بالنسبة للاحتلال، يوضح له من هي القوى الفاعلة في المجتمع الفلسطيني، التي تستطيع أن تطلب من الشعب أن يضرب، كما أنه ينظر للإضراب على أنه عامل توتر، لأنه كثيرا ما يترافق مع تصاعد الموجهات ضده، وبالتالي الاحتلال ينظر للإضراب باعتباره أذى اقتصادي وأمني، كما أنه يرصد فيه اتجاهات الشعب الفلسطيني”.

وعن مبادرة الفصائل والقوى الوطنية إلى الإعلان عن الإضرابات وخاصة الدعوات التي تصدر عن مجموعة “عرين الأسود” المقاومة التي تتمركز في البلدة القديمة بنابلس ويحاول الاحتلال جاهدا تصفيتها واغتيال قادتها، قال الدجني: “هذا يدلل على ما لا تدركه إسرائيل؛ وهو تراجع دور السلطة الفلسطينية لصالح الفصائل الفاعلة على الأرض وعلى رأسها “عرين الأسود”.

وأضاف: “هذا نوع من الاحترام من الشعب الفلسطيني ومن مكوناته الاقتصادية والاجتماعية لصالح هذا الإضراب الذي تعلنه”، منوها إلى أن “الاحتلال قد لا يدرك تراجع دور السلطة وتآكل شريعتها وشعبيتها، وتحولها باتجاه الانخراط مع الجماهير الفلسطينية، وتحول دورها الوظيفي الأمني إلى الدور الأمني الذي يحمي شعبنا كما حصل في نابلس ليلة الاثنين وقبلها في جنين”.

وتابع الكاتب: “هذه الظاهرة قد تتزايد؛ وهذا لا يخدم إسرائيل، لأن مكان السلطة الصحيح والطبيعي؛ هو في دور وطني يحمي الأراضي والشعب الفلسطيني من أي تغول لجيش الاحتلال، لذا الاحتلال ليس فقط مع موعد مه “عرين الأسود” بل أيضا على موعد من عرين أبطال الأجهزة الأمنية وعناصرها، وليس على شكل فردي وإنما ضمن إطار منظم ومنهجي، وهذا ما لا تدركه إسرائيل في دائرة فعلها في الضفة الغربية المحتلة وانتهاكاتها المستمرة تجاه شعبنا الفلسطيني”.

وأكد أن الأراضي الفلسطينية المحتلة على أبواب انتفاضة فلسطينية قوية ومختلفة، نتيجة لما يقوم به الاحتلال من “سلوك إرهابي وعنيف ضد شعبنا، وهذا لا يمكن أن يؤدي إلى لجم الشارع الفلسطيني، بل على العكس تماما”، مضيفا: “نحن أمام أن تصبح “عرين الأسود” ليست فقط مكون شبابي مؤمن بالمقاومة بكل أشكالها، بل تصبح فكرة وثقافة لكل مواطن فلسطيني ينفذ عملية، حتى لو لم يعرف من هي “عرين الأسود” بل ينتمي للفكرة والفكرة لا يمكن اغتيالها بتوغل هنا هناك”.