الإسلام ونظام الحياة

الإسلام ونظام الحياة

إذا أردنا أن نعرف مدى تقَدُّم الأمة ومقدار رُقيِّها وحضارتها، فلننظر إلى احترام أبنائها للقوانين واحترام الأنظمة والقواعد العامة وتنفيذهم للتعليمات التي تنظم حياتهم في شتى المجالات، فالشارع له قواعد وإرشادات مرورية، وآداب عامة تحفظ حركة الناس وأعراضهم وأموالهم وحياتهم، يجب المحافظة عليها، والمعاملات في الوزارات ومرافق الدولة لها قوانين ولوائح ينبغي الالتزام بها، والعملية التربوية والتعليمية والمدارس لها نظام معين ومراحل متعددة لا بد من تنفيذها، والأمن في حياة الناس له ضوابط وأنظمة وقوانين تكفل الأمن، وتوفر الراحة، وتحفظ الأنفس، لا يمكن مخالفتها، والوظيفة وتقلد المناصب له نظام وشروط ومواصفات تكفل نجاحه. وهكذا في جميع جوانب الحياة، وهكذا تسير الأمم والشعوب، وهكذا ترتقي المجتمعات حتى في جانب الخلافات الاجتماعيات والسياسية بين أفراد المجتمعات، وهذه سُنَّة الحياة والدول والشعوب والمجتمعات التي رتبت ونظمت حياتها دليل واضح على هذه النعم وهذا التطور، وتاريخ أمتنا يشهد بذلك، فما سادت إلا بترتيب وتنظيم رائع، وتطوير مستمر، وثقافة تربِّي أفراد المجتمع على أداء الحقوق والواجبات وتحَمُّل المسئوليات، وسيكون الجميع أمام القانون والقضاء والحق سواسية.

لقد غاب احترام الأمور المنظمة لحياتنا وعدم التقيد بالقوانين بسبب جهل الناس بتعاليم الإسلام وغياب مبدأ الثواب والعقاب؛ مما أدَّى إلى شيوع ثقافة التحايل على القيم والأخلاق والآداب والنظم، وأصبحت الفوضى واللامبالاة هي السائدة في كثير من مرافق حياتنا، وانتشرت الرشوة والمحسوبية، وظهر العنف واستخدام القوة كوسيلة لتحقيق المكاسب وتلبية الحاجات وعنده ستكون الحياة جحيمًا لا يطاق، وإن مجتمعات الفوضى لا يمكن أن تنهض أو تؤسس حضارة، أو تبني أمة، أو تورث علمًا، أو تصنع منجزًا؛ لأن الفوضى شريعة الغابة، والنظام هو قانون الحياة. إن ديننا دين نظام في كل جوانب الحياة، لا فوضى فيه، وإننا أمة بَنَتْ مجدها بالنظام والرقي والالتزام؛ لأن الفرد المسلم يتربَّى على عقيدة تغرس في نفسه الضمير اليقظ والذوق الرفيع والعمل النافع، وهو يدرك أنه سوف يسأل عمَّا أوتي من نعم وما أدَّاه من واجبات وما قام به من أعمال بل ويُؤْجَر على ذلك ” وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ” النحل: 93 ” وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ” الإسراء: 36، فما أجمل ذلك اليوم الذي يسود فيه احترام الأنظمة واللوائح والقوانين والتشريعات في كل مرافق حياتنا؛ في البيوت والشوارع وفي الميادين والحدائق، وفي الدوائر والمدارس وفي الوزارات والجامعات، وفي المحاكم والقضاء، وعند الحاكم والمحكوم!. إن هذا اليوم حين يطل بوجهه الجميل علينا ستزدهر به أمتنا ويتبدل حالنا ” إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ” الرعد: 11.

 

من موقع شبكة الألوكة الإسلامي